نون والقلم

ماهر ابو طير يكتب: اذا توقفت مظاهرات ايران

بعض المحللين السياسيين ينزعون الى رأي يقول ان المظاهرات والاحتجاجات في ايران سوف تتوقف نهاية المطاف، خصوصا، بعد ان دخل الاميركيون والاسرائيليون على خط الترحيب بهذه المظاهرات، اضافة الى عوامل مختلفة تتعلق بالنظام الامني الايراني، وطبيعة التركيبة الداخلية الايرانية.

اذا افترضنا حقا ان هذه المظاهرات ستتوقف نهاية المطاف مثلما يقولون، فهذا لا يلغي وجود ازمة لعدة اعتبارات، وهي ازمة قائمة منذ سنين، ولا يمكن اعتبار انتهاء مظاهرها دليلا على نهاية جذرها الاساس، وهذا ما يتوجب ان يتوقف عنده الحكم الايراني، واجنحته المختلفة.

هذه الازمة مركبة، ومعقدة، ازمة التركيبة الداخلية من عرب واذريين وكرد وحقوقهم، ازمة الفساد المالي، ازمة عدم الثقة بالمؤسسة الدينية، ازمة التورط في حروب الجوار وانفاق المليارات، ازمة عزل ايران عالميا، وتجريم الايرانيين الابرياء ممن يريدون ان يعيشوا ولا دخل لهم بكل هذه الصراعات، ازمة الاجنحة الدينية والعسكرية المتنافسة، ازمة الكراهية مع العالم العربي والاسلامي، ثم الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالايرانيين.

هذه المظاهرات، ليست الاولى من نوعها، فقد شهدت ايران مرارا مظاهرات من هذا المستوى، ولربما اقل في مرات، واكثر في مرات اخرى، والواضح ان المؤسسة الايرانية تعاني من التشويش لان وزير الداخلية يخرج ليهدد الايرانيين بالعقوبات، فيما رئيس الدولة حسن روحاني، يحض على السماح للايرانيين بالنقد،  دون تخريب او فوضى، بما يؤشر على محاولة استيعاب لما يجري في الشارع، بدلا من انفلاته، خصوصا، مع وجود دم وضحايا وقتلى.

ما يراد قوله هنا، ان الازمة الايرانية، اكبر بكثير من مجر مظاهرات واحتجاجات، لان السلطة لم تلتفت ابدا الى ما يريده الناس، والى الرأي العام، بل اعتبرت ان السيطرة على المواطنين عبر الامن ورجال الدين، امر كاف، وهي تقنية بائدة سبق ان استعملتها دول كثيرة، عبر المزاوجة، بين الامن والعقيدة الحزبية، او الامن والدولة الشمولية، او الامن ووجود عدو خارجي يتهدد البلد، وكل هذه الثنائيات الوظيفية سقطت في تجارب سابقة، في دول اخرى.

سنقرأ السيناريو كالتالي، وفقا لاراء هؤلاء المحللين. المظاهرات سوف تتوقف، والاحتجاجات لن تستمر.ماذا بعد ذلك؟ هذا هو السؤال. والاغلب ان كل الازمات ستبقى متقدة تحت الرماد الا اذا اقدمت الدولة الايرانية على مصالحات داخلية واقليمية ودولية، تؤدي الى حل اشكالات كثيرة، وهذا امر مستبعد لان هذه المصالحات تعني تغيرا كاملا في استراتيجية الحكم داخليا وخارجيا،وهو تغير غير ممكن بشكل كامل، وقد يكون ممكنا جزئيا.

اذا افترضنا ان هذا السيناريو صحيح، فهو كما اشرت لا يعني نهاية الازمة، وقد يقود الى انفجار اكبر، ما لم تتوقف طهران عند دلالات ما حدث، وتعيد مراجعة حساباتها، وهو في كل الاحوال امر مستبعد، حتى لا نغرق بالتفاؤل، بما يعني ان هذه الازمة ستلد ازمة اخرى، ولو طال الزمن.

اما اذا استمرت هذه المظاهرات والاحتجاجات، فسنكون امام مرحلة في غاية الخطورة في ايران، تضع كل النظام امام توقيت فاصل، ومختلف عما مضى.

نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى