- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

لبنى إسلام تكتب: أحمد بسام زكي والمجتمع الذي فقد عقله

منذ أيام قليلة سمعت جملةً لم تفارق أذني يتساءل صاحبها: «لماذا لا يزالون يطالبون بحقوق المرأة؟ لقد أصبحت حقوقها مكفولة وأصبحت تعمل وتتعلم، فلماذا كل هذا الهراء؟» فليسمح لي من سأل هذا السؤال بإجابة بسيطة تقدمها له الأفكار المريضة لهذا المجتمع.

لن أتحدث عن التعليم والعمل اللذين أومن بأنه حتى يومنا هذا لم تأخذ المرأة فيه نصف حقها. ودعونا لا نفتح الباب على قضايا ختان الإناث وتشويه أجسادهن ولا قضايا حرمانهن من الميراث وغيرها من القضايا.

لن أتحدث عن قضايا التحرش والاغتصاب، الذي أقسم أننا جميعًا واجهناها بدرجاتٍ متفاوتة، لكنني سأحدثك عن القهر والظلم الذي تشعر به الضحية عندما ترى أنها لو تحدثت عن تعرضها لحادث اعتداء جنسي ستكون هي المتهمة الوحيدة، ولن أتطرق لقائمة الأسباب الواهية التي يضعها المجتمع أمام تلك المرأة لتشعر بحجم جريمتها التي تتمثل في أن شخص ذو غرائز حيوانية قرر استغلال قوته البدنية ليتعدى على حقها في حفظ جسدها، أريدك أن تذهب إلى طفل في الثامنة من عمره وتخبره بأنه حينما يسرق أحدهم شيئًا منك عنوة تكون أنت المذنب الوحيد.

هل قرر أحدكم مرة أن يتخيل حجم الأضرار النفسية التي تعاني منها الضحية بشهادة الطب النفسي. هل علم أحدكم أن إحساس الضحية بالدعم المجتمعي وبمعاقبة المذنب هو الشيء الوحيد القادر على التخفيف من حدة آلامها، الإجابة: «لا» وستأبى العقول المريضة أن تعترف بذلك.

أحمد بسام زكي، شاب مصري من الطبقة الغنية، تلقى تعليمه في عدة مدارس قبل أن يلتحق بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وهو الآن يدرس في إسبانيا بعد أن قررت إحدى زميلاته في الجامعة الاعتراف بأنه تحرش بها جنسيا، ووجدت أن عددًا كبيرًا من البنات تعرضن لنفس الشيء ولكن بعد دفاع بعض أصدقائه عنه وتهديده بأنه سينتحر في الجامعة إذا لم تتوقف هذه الاتهامات، وسفره لإسبانيا، لم يحدث أي شيء حتى اعترفت فتاة منذ أيام بأن هذا الشخص اغتصبها لتنهال، علينا قصص من أكثر من 100 فتاة وبعض الشباب، تفيد بأنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي من قبل هذا المجرم وصل في مرات كثيرة إلى حد الاغتصاب بطرقٍ وحشية أدت إلى تدمير حياة الضحية. قرر الشباب إنشاء صفحات لجمع الأدلة ضد هذا المجرم فرأينا مدى الوحشية التي سردتها لنا أكثر من ١٠٠ ضحية لا يعرفون بعضهم البعض. قصة من آلاف القصص التي تعاني منها الفتيات يوميا.

وبعد انتشار هذه القضية وتحولها إلى قضية رأي عام، دعوني أحدثكم عن شيء آخر يتميز به مجتمعنا المصري، وهي ازدواجية التفكير وسيكولوجيا التعاطف، مع المغتصب. ازدواجية التفكير الذي يجعل المجتمع يستحل التعدي الجنسي على فتاة بسبب ملابسها، لكنه لا يجرم المغتصب.

أي فتاة تمارس الشذوذ الجنسي يجب حبسها لكن لم يصلنا أن للرجال نفس الحكم. أي فتاة تقدم محتوى على أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي نرى أنه غير مناسب نظل نطالب بحبسها، لكن يجب أن تقلق من مدى الأذى النفسي الذي قد يسببه كلامنا في نفوس المغتصب.

أعلم أن كلامي لن يغير شيئًا ومن الممكن ألا يحاكم هذا المغتصب أبدًا، لكنني أبرئ ذمتي أمام الله العدل الذي سيحاسب المجرم. ما أعلمه جيدًا أن كونك ذكرًا لن يشكل فارقًا حينها.

وفي النهاية، تحية وتقدير من كل إنسان عاقل لكل ضحايا التعدي الجنسي بكل صوره سواء أقررتم بأنه وقع عليكم اعتداء أم لا، جميعكم شجعان وآخر من لم يفقد عقله في هذا المجتمع لا يزال يفخر بصمودكم أمام كل ما واجهتموه. أتمنى أن يمحو القادم أسى الماضي وأن تظلوا دائما أقوياء.

أتمنى أن تكون الإجابة كافية لإعلامكم: لماذا لا نزال نطالب بحقوق المرأة. حتى لا تعيش بناتكن ما عشناه فلا ذنب لهن في ذلك.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى