![العيد حالة من البهجة](/wp-content/uploads/2023/10/رضا-780x470.jpeg)
من الملاحظات الظاهرة في هذه الأيام المباركات أننا نجد في المساجد ودور العبادة متسعا لكل شيئا، ورحابة لا حدود لها، فرواد المساجد مبتسمون، سعداء يؤدون عبادتهم فرحين مستبشرين، فهم يعلمون يقينا أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأن الطاعة لها أثر إيجابي على الحالة النفسية والمزاجية للإنسان وأنها تشرح صدره، وتجعله في حالة معنوية جيدة.
أما الناس خارج المسجد فتجدهم يعانون ضيقا وحرجا وتعبا ووجوما وعبوسا شديدا، كما انهم سريعي الغضب، فلتت السنتهم، وشتت عقولهم، وزاغت أبصارهم، واصبحوا لايرون الأشياء على حقيقتها.. تجدهم في الشارع وكأنهم قد فكوا من رباط عقيل، وكالأحصنة الجامحة، الدنيا أكبر همهم، وشغلهم الشاغل، هي محور تفكيرهم، ومقصدهم، ولا شيء يشغلهم غيرها، قد انكفئوا على مصالحهم الشخصية الضيقة.
وجدت مجتمعا جديدا قد تشكلت عقيدته للتو، فليس هو ذلك المجتمع الذي كنا كنا نقول عليه ولو مجازا، أنه – شعب متدين بطبعه – أين هؤلاء النوعية من البشر الذين يأنسون ويؤنسون؟ هل اختفوا فجأة؟ هل انقرضوا؟ أحاول البحث عنهم، وكلما وجدت واحدا من هؤلاء ممن يتسمون بهذه الصفات، كأنك عثرت على الكنز المفقود.
إذن فناس المسجد غير ناس الشارع رغم انهم هم هم، وليسوا غيرهم، ولكن طبيعة المكان قد انطبعت على سلوكهم وأخلاقهم، ورغم انهم صائمين أيضا، ولكن ضيق العيش قد خنق كثير منهم،وجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء، او ضاقت عليه الأرض بما رحبت.
أين يكمن الخلل؟
هذا سؤال صعب ومعقد جدا وتحتاج إجابته إلى بحوث ودراسات مستفيضة لمتخصصين في العلوم الاجتماعية والنفسية، ولكن من خلال ملاحظات ظاهرة يتضح لنا ان بعض الناس يهربون إلى المسجد من الحياة التى تم التضييق عليهم فيها وتشديد الخناق عليهم في سبل ومتطلبات العيش، وأصبحت حلول الدنيا أمامهم قليلة وضعيفة، فكثير منهم يلجأ إلى الله تعالى لعله يجد عنده مخرجا مما هو فيه، وهو محق في ذلك، فهي الوجهة الصحيحة تماما، ولكنه نسي أن يأخذ بالأسباب التى أمر الله عباده أن يأخذوا بها، فالتنسك وحده ليس كافيا للخروج مما نحن فيه، واستمرار حالة الخنوع والذل والهوان والرضا بالظلم، يجلب غضب الله، وقد نص القرآن الكريم على ذلك «إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)” سورة النساء.
خير الكلام: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (11) سورة الرعد.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية