قد يكمن الخير في الشر، والعكس بالعكس، فقد يكمن الشر في الخير.. وهذا القول المأثور يصدق تماما على شيئين نحن بصددهما وهو ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي، والتي يمكن تطويعها لتكون وسيلة دعوية متميزة، تتميز بالسرعة والسهولة والمباشرة وضمان وصول الرسالة في اسرع وقت، أو تكون وسيلة سيئة السمعة تنشر بها الفواحش أو تبادل مقاطع تدعوا إلى ما يغضب الله تعالى، ونحن الآن بصدد الحديث والاستفادة منها في الجانب الحسن لا السيء.
أما الأمر الآخر فهو شهر رمضان المبارك الذي إن أحسن استغلاله كان نورا وضياء لمن قام فيه رمضان إيمانا واحتسابا، أما إذا كان للهو واللعب والتكاسل وإهمال العبادات، فقد ضيعنا واضعناه، وقد فصلنا وسنفصل فيه كثيرا.
ومما أعجبني من وسائل التواصل ويتبادله الناس تلك الوصايا المهمة واللطيفة والخفيفة، ووصلني عبرها ما قاله الإمام الغزالي: «إن الله إذا أحبّ عبدًا استعمله في الأوقات الفاضِلة بفواضل الأعمال، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيّء الأعمال ليكون ذلك أوجَع في عقابه»
فانظر كيف تقضي يومك في رمضان، خصوصا ونحن نودع هذه الأيام المباركات، وعلينا أن نستغلها حتى يكون رمضان موردًا للرّوح، ومستراحًا للنّفس وسببًا للرّفعة، والقربى من الرّحمن، وأن تستقيم به خطواتنا ويقوّم فيه اعوجاجنا، وأن يحال ذهولنا ليقظة وإدبارنا لإقبال، وأن تربو وتمتدّ به حبال الوصل وتضمحلّ وتتلاشى بواعث الهجران، وأن تُحفَّ بالسّلامة أعمارنا وتسلم به صدرونا وغاياتنا.
ترفّق يا رمضان.. فمازالت القلوب قاسيةً.. والأرواح عطشى:
بالأمس كنا نقول رَمضان أهلاً.. والآن نقول: رمضانُ مهلاً!
ما أسرعَ خُطاك.. تأتي على شوقٍ وتَمضي على عجل.
فسبحان من وصفك بـ { أيام معدودات }
فــأحسِنوا إلى رمضان، فإنه زائر خفيف الظل.. كثير الهدايا.. سريع الإرتحال، {يارب تقبل منّا ما مضى، وأعنّا على ما بقى واعتق رقبانا من النار}.
قـال الإمام ابن الجوزي – رحمه الله – إنَّ شهرَ رمضان قد قَرُبَ رحيلُهُ وأَزِفَ تحويلُهُ، وهو ذاهِبٌ عنكم بأفعالكم وقادمٌ عليكم غدًا بأعمالكم، فيا ليتَ شِعري ماذا أودعتمُوهُ وبأيِّ الأعمال ودَّعتُمُوهُ.
أَتُراهُ يرحل حامدًا صَنيعَكُم أو ذَامًّا تضييعَكُم
ما هو التجديد في رمضان، هو أن تجدد نمط حياتك
أن تنتقل من الفتور الى النشاط
أن تنتقل من الحسن إلى الأحسن
تنتقل من الضعف إلى القوة
من الكسل إلى العمل
من البعد عن الله إلى القرب الشديد منه والاحساس برحمته وجوده وكرمه.
واختم بهذه الرسالة التي وصلتني للتو حول العشر الأواخر، والتي استهلها بسبحان الله!!
لو كان المعطي غير الله لأغلق أبواب رحمته على المتأخرين.. فقد أساءوا الأدب، وتباطؤوا في إجابته جل في علاه.. لكنه سبحانه رحمة بهم أخر جزءا كبيرا من عطائه لهم.. فلأن يأتوا متأخرين نادمين.. خير من أن يقنطوا فتستولي عليهم الشياطين!!
أيها المتأخرون مثلي: أسرعوا قبل أن ينجلي الموسم.. فليس من الأدب أن تبطئوا أول الموسم وآخره.. والله جل جلاله الذي لم يغلق في وجوهكم بابا…ما أبقاه إلا ليعتق منكم رقابا!!
أسرعوا فما زالت السوق قائمة.. ولو أراد صاحبها فضها قبل ذلك لفعل.
وما يدريكم… لعلكم تكونون من عتقاء النهايات؟!
خير الكلام: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10]
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
In -t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية