اخترنا لكدنيا ودين

قطوف رمضانية.. رضا هلال يكتب: الجمعة اليتيمة.. أطلقها العباسيون وارسى قواعدها الفاطميون وارتبط بها المصريون

ابتكر  الصالحون من الدولة العباسية في أواخر أيام حكمها مسمى جديد للجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وهو الجمعة اليتيمة، وذلك حزنا على فراق شهر الخير والفضل والبركات. 

وسار الفاطميون من بعدهم علي نفس النهج وإطلاق التسمية دائما على الجمعة الأخيرة من رمضان، واعطاءها مزيدا من الهالة والقدسية والعبادة. 

ولكنهم جميعا لم يحاولوا أن يلبسوها أي لباس شرعي، او من مأثور القول عن صحابي او تابعي، وبالطبع لم يجرأوا علي رواية أحاديث عن النبي الأكرم صل الله عليه وسلم بهذا الخصوص، – إلا حديثا واحدا تصدى له المحدثون والعلماء والفقهاء بالتكذيب والإنكار – لأنه وببساطة لم يرد عن الرسول صل الله عليه وسلم ما يؤيد هذه التسمية نهائيا، وظل العباسيون والفاطميون طوال فترة حكمهم يسيرون في هذا الركب، ولا تأخذ الجمعة الأخيرة من رمضان أي تسمية غير ذلك، ولا معنى يحتمل غير هذا المعني الذي يعبر عن الحزن الشديد لفراق شهر رمضان المبارك. 

ولم يقع تحت بصري بتاتا ما يشير إلى تخصيص هذه الجمعة بعبادة مخصوصة أو أذكار محددة، أو أوراد منصوصة، بل هي مشاعر إنسانية تعبر عن مدى ارتباط المسلم بهذا الشهر الفضيل، وبحسب الأثر الذي يتركه هذا الشهر في نفس وسلوك المسلم، يكون حزنه على هذا الفراق الصعب، الذي يشعر عنده الصائم، بأن شهر الخيرات والعبادات والطاعات والبركات سيغادرنا خلال ساعات او او أيام قليلة، فيجد ويجتهد في العبادة اكثر وأكثر. 

وهنا التساؤل.. وما الضير في ذلك؟ أليس نحن من اطلقنا علي رمضان نفسه مسميات كثيرة تعبر عن مدى ارتباطنا به وحبنا له، ورغبتنا في استمراره لأطول فترة ممكنة، وعندما تأتينا تسمية للجمعة الأخيرة نقيم الدنيا ولا نقعدها. 

إذن فلا ضير من ذلك طالما لم نلبسها لباسا شرعيا أو نحيطها بأعمال ليست لها، خصوصا وأن يوم الجمعة في حد ذاته هو من الأيام المشهودة في حياة المسلم، وهو العيد الأسبوعي الذي له مميزات ليست لغيره من الأيام، فما بالكم إذا كانت هذه الجمعة في شهر رمضان، فهو فضل فوق الفضل، ويزداد ذلك الفضل عندما تكون الأخيرة، فنحن بطبيعة البشر نحزن عن الوداع والفراق، خصوصا وأننا لا نضمن البقاء الي القادم منه وكلنا يلهج لله بالدعاء أن يعيده علينا أعواما عديدة وأزمنة مديدة، ونحن في أحسن صحة وحال، ولا فاقدين او مفقودين حتى ندرك خير هذا الشهر وبركته وننال من فضله، ولأن يشملنا الله تعالى خلاله برضوانه والعتق من نيرانه ونيل جنانه. 

خير الكلام: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [ الجمعة: 9] 

redahelal@gmail.com  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

 

  In -t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر  ولينكدإن لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

زر الذهاب إلى الأعلى