اخترنا لكنون والقلم

قطر تشق الصف

في تصريح يشق الصف الخليجي والعربي والإسلامي، يتحدث أمير قطر عن ملفي إيران والإرهاب بطريقة لا يمكن تأويلها إلا باعتبارها محاولة لشق هذا الصف، وهي محاولة يصل أذاها للجميع بمن فيهم قطر بنهاية المطاف.

إيران التي مارست جرائمها على مدى ثلاثة عقود متواصلة، وسعت لتصدير ثورتها الدموية المذهبية إلى المنطقة وتتفاخر باحتلال أربع عواصم عربية، وتمارس الإرهاب عبر ميليشياتها في اليمن والعراق وسوريا، وتسببت بمقتل وجرح وتشريد ملايين العرب والمسلمين من خلال دعمها لأنظمة مجرمة، لا يمكن الدفاع عنها ووصفها بقوة إسلامية، لا بد من التفاهم معها كما أشار أمير قطر في حديثه.

هو هنا، لا يعاند قمم الرياض واستخلاصاتها وحسب، بل يمس مشاعر العرب والمسلمين، الذين يرون في إيران سيفاً مرفوعاً فوق أعناقهم يريد احتلال دولهم ومس استقرارهم، بل وذبحهم وتشريدهم.

قطر فقدت الحكمة والتوازن في تعاملها مع هذه القضية الجوهرية وملفات أخرى، ولا يمكن أن نصدق قصة الخروقات الإلكترونية، فهذه تصريحات سبقتها مؤشرات تدركها دول كثيرة، ونحن اليوم أمام سياسات توصف حقاً بالخارجة عن صف دول التعاون الخليجي، وعن موقف منظومة التعاون تجاه العديد من قضايا العرب والمسلمين.

إن التصريحات القطرية التي تسببت بردود فعل عاصفة في المنطقة لم تقف عند الدفاع عن إيران ومحاولة تجميل وجهها، بل سعت إلى تجميل الإرهاب والتنصل من دعم بعض أحزابه وجماعاته، برغم أن الدوحة تدرك أن الإرهاب السياسي والعسكري لا ينفصلان فهما من جذر واحد، فبماذا تختلف جماعة الإخوان عن داعش؟ وبماذا يختلف الاحتضان السياسي عن التمويل أو الحض على منح هؤلاء شرعيات في منطقتنا؟

أمن الخليج العربي واستقراره فوق كل اعتبار، وهكذا تصريحات تمس أمن المنطقة وشعوبها بطريقة مؤلمة، لأن هذه الضربات تأتي ممن نفترض أنهم إخوة وحلفاء، ويكفينا مشاعر إيران الشامتة، حين ترى وتسمع من يخرج من بيننا ليشق الصفوف، متناسياً أن مأزق إيران والجماعات الإرهابية مأزق قائم مع الشعوب قبل الأنظمة، وهذا أمر لم يقف عنده أمير قطر، ولو استفتى أي شعب عربي أو إسلامي لعرف موقفهم ضد إيران والجماعات الإرهابية أياً كانت عناوينها.

لقد كنا نحض دوماً على وحدة الموقف واستبشرنا عرباً ومسلمين بما نتج عن قمم الرياض، لكن أن تأتينا المخالفة في الموقف والسعي لتبديد وحدته من جانب دولة خليجية عربية إسلامية، فهو أمر يتجاوز كل المعايير ولا يمكن تبريره أو تفهمه، أو تبريد نيران الغضب إزاء مضمون هكذا تصريحات، تقول للعرب والمسلمين إننا لسنا معكم، بل مع خصومكم الذين يكيدون لكم ليلاً ونهاراً.

قدر هذه المنطقة أن تواجه التحديات، وكما يقال: رب ضارة نافعة، فقد كشفت هذه التصريحات المستور، لكننا سنبقى في الإمارات والسعودية وباقي دول التعاون الخليجي أقوياء في التصدي للتحديات، والتعامل معها وفقاً لما تستحقه وحفاظاً على أمن المنطقة ومصلحة الشعوب.

نقلا عن صحيفة البيان الإماراتية

زر الذهاب إلى الأعلى