فريهان طايع تكتب: الخصوصية في مواجهة فوضى التواصل الاجتماعي
هل ستتوقف حياتنا إذا توقفنا عن استخدام فيسبوك، إنستجرام، وتيك توك؟ هل ستنتهي الدنيا إذا قررنا الحفاظ على خصوصياتنا وعدم عرضها على الملأ؟
ما الذي سنضيفه للعالم أو لأصدقائنا حين نكشف يوميًا عن تفاصيل حياتنا: إلى أين ذهبنا، أين سافرنا، مع من التقينا، وفي أي مطعم تناولنا طعامنا؟ لماذا اختفت كلمة «خصوصية» من قاموس حياتنا؟
عندما نقرر الابتعاد عن هذه المواقع الافتراضية، أو حتى الانسحاب من الحياة الاجتماعية بشكل عام، قد نصبح فجأة محور تساؤلات الآخرين. كم مرة سمعت عبارات مثل: «أين أنتِ؟»، «أنتِ غير موجودة في العالم»، «لا يمكن الوصول إليك أو التواصل معك»، من صديقات قدامى أو من معارف مختلفين.
بالنسبة لي، أدركت أننا في أمسّ الحاجة إلى الخصوصية وسط فوضى مواقع التواصل الاجتماعي. لا أجد نفسي ملزَمة بعرض تفاصيل حياتي للجميع، كما لست ملزمة بمشاركة الآخرين نمط حياتهم، الذي يبدو بعيدًا تمامًا عن عالمي.
أميل بشدة إلى ذلك العالم الهادئ، حيث الأمان والسكينة والابتعاد عن فوضى الزحام. أجد ذاتي في الاهتمام بأمور تعنيني أنا فقط، دون غيري.
قد يبدو للبعض غريبًا أن أقول: الشيء الوحيد الذي يشغلني هو عملي، فهو يستحوذ على معظم وقتي وطاقتي ويمثّل جوهر إنجازاتي.
شغفي هو التحقيق في القضايا التي أعمل عليها، وسعادتي تكمن في أن أكون صوت الضحايا الذين أوصل قصصهم إلى العالم. أشعر بالفخر عندما أتجرأ على مواجهة الفاسدين والمظالم، وأخوض كل مرة معركة جديدة للوصول إلى الحقيقة.
لكن بالمقابل، لا أجد نفسي منجذبة للحياة الاجتماعية بكل أشكالها. حتى هاتفي عادةً في وضع الصامت، وأستخدمه فقط للرد على المكالمات الضرورية المتعلقة بالعمل. لا أجرِ مكالمات إلا في ما يخصني ويهمني، وعددها محدود للغاية.
منذ سنوات وأنا أعيش على هذا الأسلوب المنظم وأشعر براحة حقيقية، لأنني تمكنت من إدارة حياتي بطريقة متوازنة بعيدة عن الفوضى.
وقتي ثمين للغاية، لذا لا أضيعه على مواقع التواصل الاجتماعي أو في أحاديث ورسائل غير مجدية. كما أنني لا أهدر وقتي في خروج لا يفيدني أو في مقاهٍ بهدف التسلية فقط. تعلّمت احترام الوقت، وأدركت أهمية استثماره فيما ينفعني.
من خلال هذا النمط المنضبط، تغيرت حياتي بشكل كبير وأصبحت أكثر جودة وراحة. لا شيء أجمل من تنظيم حياتك بعيدًا عن ضجيج المجتمع وفوضويته؛ مجتمع بات منشغلًا بالنمطية والتركيز على أمور سطحية لا وزن لها.
أما الإحساس بالقضايا الجوهرية أو العميقة، فهو غائب تمامًا عن اهتمام الغالبية.