نون والقلم

فريهان رؤوف تكتب: الطيبة صفة الأنبياء

الطيبة صفة كباقي الصفات النبيلة، تسمو بالإنسان وتخاطب فيه روحه وتعلمه حب الآخر والإخلاص له. لكن يُخيل للبعض أن الطيبة هي التنازل، هي الضعف والانكسار، هي السكوت عن حقك.

هل عندما تسمح للآخرين بظلمك فهذا يعني أنك إنسان جيد؟ بينما أنت في هذه الحالة إنسان يرضى بالظلم. لأن من يسمح للآخرين بظلمه فلا يمكنه أن يناهض الظلم ولا أن يدافع عن الضعفاء.

الطيبة لم تكن يوم الانحناء أو التصفيق مع دمعة حزن وعدم رضا وعجز على مواجهة الطرف المسيطر.

الطيبة لم تكن يوماً إكراه ولا إجبار الطيبة، هي الضمير ألا تسمح لنفسك بالإيذاء، أن يعاتبك ضميرك لحظة الخطأ.

يقولون الله يأمر بالتسامح.. نعم الله أمر بالتسامح، يقولون الله أمر بالمعروف نعم أمر بالمعروف.. يقولون الله أمر بالكلمة الطيبة، نعم الله أمر بالكلمة الطيبة، لكن الله لم يأمرنا بالضعف والانكسار لغيره، هل أمرنا بالسجود لغيره أم الدعاء لغيره أم سؤال غيره؟

الرسول عليه الصلاة والسلام أجاب بكون المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف هنا إشارة إلى القوة وليس إلى الاستسلام.

محمد لم يكن يوما إنساناً ضعيفاً بل على العكس كان قوياً، تلك القوة المستمدة من الذات الإلهية لدرجة أن أصبح سيد الأجيال بقوته في كل شيء.

لم أسمع يوماً عن قصة نبي أو رسول ضعيف، بل قصصهم ملهمة نعم كانوا طيبين، لكنهم كانوا أقوياء وحكماء وأذكياء وقد أحسنوا التدبير وإدارة الأمور بعقول رصينة وواعية.

لم أسمع عن نبي أنه كان ضعيفا للناس، بل كان كل منهم ضعيفاً لله وحده وليس سواه.

الطيبة هي الإنسانية، هي الصدر الرحب، لكن ليست الانهزام والخضوع للآخرين، لم نكن يوماً عبادا للناس ولم نخلق يوماً لإرضائهم ولا يوجد إنسان أفضل من إنسان لكي يقيده و«منذ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».

فالطيبة هي سلاحك في محاربة كل أشكال الجبروت والظلم حتى داخل جانبك المظلم وضميرك الذي يرفض أن يسمع. لكن لم تكن يوما سلاحاً عليك، سلاحاً يدمر ذاتك ويسرق حريتك ويجعلك عبدا للآخرين.

تذكر أنها سلاح لك وليست ضدك، اتخذها فقط قاعدة لتفهم مغزى ذاتك والآخرين.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى