
فتوح الشاذلي يكتب: لا تظلموا الملك
لا أتفق مع الذين انتقدوا الملك عبد الله الثاني ملك الأردن في أعقاب لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولن أكون مع الخائضين الذين تحاملوا على الرجل سواء بقصد أو بغير قصد.. بل إنني أذهب إلى أبعد من ذلك وأرى أن الملك عبد الله نجح في توصيل رسالته وتغلب على الموقف الصعب الذي فرضته عليه الظروف الراهنة.
بداية لم يكن للملك عبد الله أن يرفض لقاء ترامب.. فهذا البلطجي الجالس في البيت الأبيض لا يستطيع أن يقف أمامه إلا دولة كبيرة مثل مصر أو السعودية لما لهما من ثقل كبير على مختلف المحاور.
وهذا ما حدث بالضبط.. فـ الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع شروطه لزيارة واشنطن وهو أن لا يتضمن جدول الأعمال أي حديث عن غزة وهو ما أغضب ترامب وأذنابه وبالتالي تم تأجيل الزيارة إلى أجل غير مسمى، وعلى الجانب الآخر اختار ترامب الرياض لتكون مقرا لمباحثاته مع بوتين وهو اعتراف عالمي بثقل المملكة وقيادتها.. من أجل ذلك لا يجب أن نحمل الرجل أكثر من ذلك لأن الأردن ليست مصر أو السعودية.
لا أتفق مع الذين وجهوا اللوم للملك عبد الله على زيارته لواشنطن.. فالرجل لم يكن أمامه سبيل سوى تلبية الدعوة.
أما ما قاله الملك عبد الله سواء أثناء المباحثات أو في التصريحات فإنني لا أرى فيها أي إخفاق.. فمثلا عندما يقول علينا أن ننتظر الخطة المصرية بشأن غزة فهو لم يخطئ.. بل أصاب في قوله.. والدليل على ذلك تعبيرات وجه ترامب التي ظهرت بوضوح أمام الكاميرات عندما سمع اسم مصر.
فقد ارتسمت على وجهه علامات عدم الرضا وغير وجهته التي كان جالسا عليها وهو ما يكشف عدم ارتياحه.. ما فعله الملك كان طبيعيا لأن مصر هي الشقيقة الكبرى، وجيشها هو أقوى جيش في المنطقة، ولديها قيادة قوية استطاعت أن تقول لترامب قف مكانك واحسب كلامك جيدا قبل أن تتكلم عن مصر.. قياده تدير الأزمة بدبلوماسية وحنكة وقوة وشجاعة.
لم يخطئ الملك عبد الله عندما قال لن أفعل إلا ما فيه مصلحة شعبي وهذا يحسب للرجل- لا عليه – لأن هذه العبارة تعني ببساطة أنه لا تهجير وأن الأردن للأردنيين وأن مصلحة الشعب تقتضي ذلك.
ما أحوجنا اليوم إلى وحدة الصف العربي والتنسيق والتشاور والتكاتف بين القادة العرب ووقوف الشعوب صفا واحدا خلف قيادتها لأن هذا هو السبيل الوحيد لمواجهة هذا البلطجي الأحمق الذي تعدى كل الحدود.