نون والقلم

فتوح الشاذلي يكتب: سفريات الوزراء

القرار الجمهورى الذى صدر منذ أيام لتنظيم سفر رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم والمحافظين ونوابهم ورؤساء الهيئات والشركات ونوابهم وقيادات الدولة إلى الخارج هو خطوة إيجابية.. لكنه يحتاج إلى قرارات أخرى مكملة وخطوات أخرى على الطريق.

سفريات الوزراء إلى الخارج تكون فى حالة وجود مهمة رسمية أو أعمال تتعلق بالوظيفة وهذا أمر طبيعى.. لكن التطبيق يحتاج إلى ضوابط ورقابة.. ومن أهم هذه الضوابط أن يقدم المسئول تقريراً إلى رئيسه الأعلى بنتائج أعمال الزيارة وما تحقق من أهداف حتى تكون السفريات منضبطة.

والأهم من وجهة نظرى هى سفريات الوفود المصاحبة للمسئول والجهة التى تتحمل تكلفة السفر.. فمثلاً منذ أن كنت محرر شئون مجلس الوزراء على مدار أكثر من 15 عاماً وسفريات الصحفيين تكون على نفقة المؤسسات وليست على الدولة، وكذا الأمر بالنسبة لرئاسة الجمهورية، أما فى الوزارات فإن الأمور تختلف تماماً سواء كان المرافقون إعلاميين أو غيرهم.

السفريات الخارجية للوفود المرافقة تعد وسيلة من وسائل إهدار المال العام.. فالمجاملات هى التى تحكم الاختيارات، فضلاً عن أن السفر من الأساس يكون فى أغلب الأحوال عديم الفائدة باستثناء الترفيه والسياحة وكله على حساب الدولة.

عاصرت رؤساء وزارات ووزراء جعلوا عملية السفر «سداح مداح» وفتحوا باب المجاملات بلا حدود.. وآخرين كانوا أحرص ما يكون على المال العام، وكانوا يتحسبون فى إنفاق المصروفات النثرية المخصصة لهم، حتى إنهم لجأوا إلى الإنفاق الخاص على هذا البند من راتبهم حتى لا يقعوا فى المحظور.

أذكر أن الدكتور كمال الجنزورى كان من بين المسئولين الذين توقفوا أمام هذه الظاهرة، حتى إن هناك واقعة سببت له أزمة بسبب قراراته الحاسمة فى هذا الشأن.. ففى واقعة فريدة سافر أحد الوزراء المهمين واصطحب معه زوجته وبعض المسئولين من بينهم مدير مركز أصبح وزيراً مؤخراً وخرج فى التشكيل الأخير.. سافر الوزير والوفد المرافق له قبل صدور قرار رئيس الوزراء بالسفر، وكان ذلك الأمر متبعاً فى سفر هذا الوزير تحديداً نظراً لسفرياته المتعددة ومهامه الخارجية.. وعلى الفور عندما استعرض الدكتور الجنزورى قائمة المرافقين قام بشطب زوجة الوزير وقام باستدعاء مدير المركز وإلغاء سفره، وهو ما سبب له أزمة مع حرم الرئيس وقتها لمساندتها هذا المسئول.

وأذكر أننى كتبت كثيراً فى سفر الدكتور أحمد نظيف وحاشيته، بصورة غير مسبوقة وهو ما لفت أنظار المسئولين فى الرئاسة، وتم إصدار تعليمات مشددة له فى هذا الشأن.

إننى أرى أن الوقت قد حان لتنظيم سفر الوفود المصاحبة والمرافقة لكبار المسئولين على أن تتضمن عملية التنظيم وضع ضوابط للسفر حتى نقضى على ظاهرة المجاملات على حساب المال العام وتوقف اصطحاب المسئول حاشية تلازمه فى كل سفرية وتضم كل ألوان الطيف.

لقد حان الوقت لنقول لكل مسئول إذا أردت أن تصطحب أسرتك أو حاشيتك فيجب أن يكون ذلك على نفقتك الخاصة وليس على نفقة الدولة ومن خزينة المال العام.. وهنا نكون قد وضعنا النقاط فوق الحروف فى قضية مسكوت عنها منذ عهود مضت.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى