نون والقلم

فتوح الشاذلي يكتب: حدث في جامعة الطب

أحزنني المشهد الذي ظهرت به جامعة المنصورة في وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية.. مشهد غير منصف ولا يتناسب مع جلال الحدث الذي عاشته الجامعة وقيمة الإنجاز الطبي الذي تحقق على أرض المنصورة. 

كان من المفترض أن نحتفل بافتتاح قلعة طبية جديدة على أرض مصر.. كان من المفترض أن نفخر بتشغيل أكبر مركز للكبد في الشرق الأوسط وأفريقيا وواحد من أفضل 5 مراكز في العالم في زراعة الكبد من أحياء. 

كان من المفترض أن نتحدث عن دور المواطن المصري عادل عرفة ابن المنصورة في إنجاز هذا الصرح الكبير.. ذلك الرجل الذي تبرع بـ 16 مليون جنيه في بداية المشروع عندما كان مجرد فكرة وأن هذا التبرع جاء تنفيذا لوصية زوجته التي توفيت بالتكليف الكبدي.. كان من المفترض أن نتناول سيرة هذا الرجل لتكون ملهمة للشباب بدلا من أن نتناول سير التافهين والساقطين. 

كان من المفترض أن نتناول دور الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة في إنجاز هذا العمل الكبير والذي بلغت تكلفته مليار جنيه. 

كان من المفترض أن نتناول بالفخر والإعزاز دور العالم الجليل الدكتور محمد عبد الوهاب مؤسس المركز ورائد زراعة الكبد في مصر والشرق الأوسط والحائز على تقدير الأوساط الأكاديمية العالمية. 

كان من المفترض أن نتناول دور الفريق الطبي الذي ساهم في تحقيق هذا الإنجاز وعددهم أكثر من 30 استاذا في الكبد والتخدير. 

كان من المفترض أن نشيد بدور رؤساء جامعة المنصورة وقياداتها الذين دعموا المشروع منذ بدايته وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور شريف خاطر الذي يقود مسيرة ناجحة في الجامعة تم تتويجها بافتتاح مركز الكبد وتحقيق قفزات كبيرة في ترتيب الجامعة في تصنيف QS البريطاني وهو أشهر وأقوى تصنيف لقياس مستوى الجامعات في العالم. 

كان من المفترض أن نحتفل بالإنجازات الطبية العالمية لطب المنصورة والتي وضعت الجامعة في مرتبة متقدمة في القطاع الطبي على مستوى العالم واستحقت عن جدارة لقب عاصمة الطب وذلك بعد أن أصبح مركز الكبد حقيقة واقعة، واحتل مركز الكلي الصدارة في الشرق الأوسط وأفريقيا وبعد أن أصبح مركز الجهاز الهضمي واحد من أفضل 10 مراكز في العالم. 

كل هذا بجانب 13 مستشفى ومركز طبي يقدمون الخدمة إلى مليوني مريض سنويا.. هذا بالإضافة إلى برنامج المنصورة مانشستر لدراسة الطب وهو أول برنامج طبي دولي في مصر والذي حقق نجاحات كبيرة منذ بدايته في 2006 ويدرس فيه طلاب من 27 دولة بالإضافة إلى الطلاب المصريين. 

كان من المفترض أن نوجه التحية إلى عمداء الطب السابقين الذين ساهموا في هذه الإنجازات ابتداء من الأستاذة الدكتورة فرحه الشناوي نائب رئيس جامعة المنصورة الأسبق ومؤسس البرنامج وصولا إلى الأستاذ الدكتور أحمد نجم المدير الحالي للبرنامج الذي يبذل مجهودات كبيرة من أجل استمرار النجاح بالإضافة إلى الدعم القوي من العميد الدكتور أشرف شومه مرورا بالعمداء السابقين في مقدمتهم الدكتور السعيد عبد الهادي ومحمد عطية البيومي. 

كان من المفترض نفخر ونتذكر في هذه الأيام العالم الدكتور محمد غنيم مؤسس مركز الكبد الذي حقق إنجازا تاريخيا في الطب على أرض المنصورة. 

كل هذا كان من المفترض أن يحدث.. أما أن نسلط الضوء على بعض الخلافات الصغيرة التي تحدث في أي مكان وفي أي بيئة عمل ونخوض فيها لتكون هي الحدث وننسي كل هذه الإنجازات فهذا أمر محزن. 

والآن علينا جميعا أن نتوقف ولا نخوض مع الذين خاضوا ونعود إلى الأصل ونحتفل بما تحقق ونتطلع إلى الحفاظ على هذه الإنجازات الطبية التاريخية التي ستظل شاهدة على عظمة مصر وريادتها الطبية.  

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى