نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: مصر تستطيع.. إذا أرادت

مصر تستطيع أن تتقدم وتتغير وتحدث نقلات نوعية في مجالات كثيرة، شريطة أن يكون لديها الرغبة في ذلك.. فقد أثبتت التجارب والأحداث الكبرى أن مصر لديها القدرة على إنجاز أكبر المهام، ولعل ما شهدناه مؤخراً على أرض إستاد القاهرة الدولي في افتتاح بطولة الأمم الإفريقية بشكل منظم ومبهر يشير إلى أن مشاكلنا في معظمها ليست لعدم القدرة، وإنما لعدم الرغبة في اقتحامها وحلها بسبب ثقافات بالية مازالت  راسخة في هذا المجتمع.

الافتتاح المبهر والمنظم بدقة في افتتاح بطولة الأمم الإفريقية جاء بحجم مصر العظيمة، وكان  من وجهة  نظري لا يقل عن افتتاح بطولة كأس العالم الماضية في روسيا وغيرها من البطولات إلى تنظمها الدول الكبرى بكل ما تملكه من إمكانيات.. مع أن مصر لم تعد لهذه البطولة منذ عدة سنوات كما جرت العادة والنظام بإعلان اسم الدولة المضيفة لأي بطولة قبلها بعشر سنوات أو  حتى بعامين على أقل تقدير للبطولات الصغيرة، وإنما  تم إسناد المهمة إلى مصر قبل البطولة بخمسة أشهر فقط بعد أن فوجئ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بعدم استعداد الدولة المضيفة للبطولة.

هذه الشهور القليلة شهدت انجازات غير مسبوقة في كل الاتجاهات، بدءاً من تجديد الاستادات إلى تقام عليها المباريات الرسمية، والأخذ في الاعتبار زيادة عن الدول المشاركة لأول مرة إلى «24» دولة في هذه الدورة، ومروراً بإعادة تأهيل الاستادات سواء بتغيير الأرضيات والمدرجات وأماكن الخدمات للفرق والإعلام والجمهور أو تحديد الفنادق وأماكن الإعاشة والانتقالات، ثم عمليات التأمين الشاملة لكل ضيوف مصر من فرق وجمهور مرافق، ولا تغفل حفل إجراء قرعة البطولة تحت سفح الأهرامات الذي شارك فيه  عدد من المسئولين ونجوم القارة الإفريقية وجاء بمثابة إعلان مسبق عن نجاح مصر في تنظيم هذا الحدث المهم.

ولأن المقدمات تؤدى إلى النتائج.. جاء حفل الافتتاح الذي شاهده أكثر من مليار ونصف مليار نسمة في شتى أنحاء العالم على قدر مصر الكبيرة والعظيمة وعلى قدر حضارتها وتاريخها، وتغنت به كل وسائل الإعلام العالمية.. حتى وسائل الإعلام إلى عاهدناها تتربص بمصر، لم تجد هفوة واحدة واضطرت إلى الإشادة بالتنظيم والسلوك العام للمصريين وروعة الحفل الفني الذي جاء معبراً عن حضارة مصر من خلال أهراماتها الراسخة ونيلها الخالد.

وقال رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو إن مصر قدمت ليلة استثنائية للعالم في افتتاح البطولة الإفريقية، مشيداً بحضارة مصر الملهمة للبشرية وسحر إستاد القاهرة وعملية التنظيم والحفل المبهر، وقدم الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على كل ما قدمته مصر لهذه البطولة، كما قدم الاتحاد الإفريقى برئاسة أحمد أحمد الشكر إلى مصر ورئيسها، مؤكداً على قدرة مصر الكبيرة وثقة الاتحاد الإفريقي على نجاح مصر في هذه المدة الزمنية القصيرة وإبهار الجميع.

هنا أعود إلى مقالي الأسبوع الماضي عن أهمية ترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية إلى تساهم بشكل فعال في تغيير المجتمعات وتحولها إلى الحداثة والتحضر.. ومع أن بعض التعليقات كانت محبطة بسبب الثقافة القديمة إلى تصر على أن تغيير المجتمعات لا تتم إلا من خلال الحكومات وإلقاء كل التهم على المسئولين فقط، أعود للتأكيد على أهمية المشاركة المجتمعية في نجاح المجتمعات وتحولها نحو الحداثة والتحضر، وليس أدل على ذلك من هذا الحدث الذي صدر صورة متحضرة عن مصر وشعبها، وجاءت بسبب السلوك الجماهيري المتحضر والتزام الجميع بالنظام والشعور بالمسئولية سواء في حجز التذاكر أو دخول الإستاد أو أثناء الحفل الفني والمباراة، وهو أمر دفع بعض الشباب الوطني للقيام بمجهود إضافي بعد المباراة لإزالة القمامة وتنظيف الإستاد في لفتة رائعة التقطتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية لتضيف صورة حضارية جديدة عن المصريين، وهى أعلى درجات المشاركة المجتمعية إلى يمكن أن تغير وجه مصر.

تبقى أهمية استغلال واستخدام هذا الحدث سياسياً وسياحياً واقتصادياً والقدرة على تسويقه في مواجهة كل المزاعم والصور السلبية إلى تصدرها بعض وسائل الإعلام المغرضة عن مصر واستقرارها أمنياً للتأثير على حركة السياحة والاستثمار.. ويجب أن يكون هذا الحدث الذي شاهده العالم وما زال يتابعه من خلال المباريات الجارية فرصة لتغيير الصورة من خلال استغلال  وزارة السياحة له وإقامة فعاليات وأنشطة على هامش المباريات ودعوة الفرق ونجوم الكرة لبرامج سياحية وجذب أنظار وسائل الإعلام، لعودة مصر مرة أخرى على خريطة السياحة العالمية إلى تستحقها وإنعاش الاقتصاد المصري بدخل إضافي.

للمزيد من مقالات الكاتب أضغط هنا
نائب رئيس الوفد

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى