اخترنا لكنون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: في أزمة الأطباء يكمن العلاج

الحديث عن أزمة في قطاع الصحة بسبب العجز في عدد الأطباء، وتحديداً العاملين في المستشفيات الحكومية.. هو نفس الحديث والتعاطي مع الأزمات التي قد تحدث في أي قطاع آخر مثل قطاع التعليم أو غيره بالهروب من لب الأزمة والبحث عن أقرب وأسهل الحلول التي تعود وتنفجر مرة أخرى في المجتمع ونكتشف بعد وقت قصير أنها كانت مجرد مسكنات لم تقترب من علاج جذور المشكلة.

أخبار ذات صلة

ونبدأ من جديد في البحث عن مواجهة وعلاج.. حقيقة الأمر أن هذه الأزمة وغيرها من الأزمات هي نتيجة المتراكم من المشكلات منذ سنوات طويلة وتم التعامل معها بمبدأ الإدارة بالأزمة بعيداً عن إستراتيجية إدارة الأزمات التي تضع تصوراً شاملاً لكل قضايا ومشكلات المجتمع مستقبلاً ولفترات زمنية، وتوقع ما قد يحدث من مشكلات والتعامل معها.

نحن لدينا كفاءات وعقول وقدرة على النجاح في مواجهة أكبر المشكلات شريطة أن تكون هناك رؤية وإستراتيجية لإدارة الأزمة، وأمامنا نماذج حققت مصر فيها نجاحات باهرة منها على سبيل المثال قطاع الطاقة الذي كان في حالة انهيار وتراجع شديد وكان يحتاج إلى ما يشبه المعجزة، والآن تحولت مصر إلى دولة رائدة في هذا المجال، وأصبح لديها فائض من الطاقة يمكن توجيهه إلى مزيد من الاستثمارات والتعاون مع بعض الدول المجاورة.. نفس الأمر حدث في شبكة طرق ومحاور حديثة أصبحت بمثابة شرايين جديدة للمجتمع الذي اختنق في طرق كانت أشبه بالأنابيب بعد أن تضاعف عدد سكان مصر ولم يواكب ذلك تطوير البنية الأساسية للمجتمع. والآن تستكمل هذه الرؤية والإستراتيجية في قطاع السكة الحديد وشبكة الطرق القديمة.

الإستراتيجية الجديدة في إدارة الأزمات باتت واضحة في رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى لمواجهة المشكلات التي يعانى منها المجتمع وحلها بطرق جذرية وليس بالمسكنات.. مع أن هذا الفكر يواجه أحياناً قناعات وثقافات رجعية بالية، أو ما يسمى بمقاومة الدولة العميقة، كما نرى في عملية تطوير التعليم التي يحاول البعض إفشالها بكل السبل والوسائل حتى يستمر الأمر كما هو عليه ويخسر المجتمع سنوياً عشرات المليارات في دروس خصوصية ومناهج بالية، وتستمر معاناة الأطفال والتلاميذ والطلاب ومعهم أسرهم في طرق تعليم تكون حصيلتها غير مجدية للطالب والمجتمع بالشكل الأمثل لتحقيق نهضة المجتمع.

من هنا أصبح واجباً أن تواجه أزمة نقص الأطباء في مصر بمنطق وفلسفة إدارة الأزمات بعيداً عن الدعاوى المتسرعة في تخريج دفعات استثنائية من الأطباء أو زيادة كليات الطب وغيرها من الحلول التي لا تمس لب القضية، وبالتالي لا تحل الأزمة، وربما تزيد تعقيدها في المستقبل.. لأننا جميعا نعرف الأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة وهى هجرة نسبة كبيرة من الأطباء خارج مصر، وكل الإحصائيات تشير إلى أن لدينا نحو 30 كلية طب ما بين حكومي وخاص يتخرج منها نحو 12 ألف طبيب سنوياً، وأن عدد الأطباء في مصر وصل إلى نحو ربع مليون طبيب.. ولكن أكثر من نصف هذا العدد غادر مصر ما بين مهاجر للدول الأجنبية أو عامل في الدول العربية.

إذن لب المشكلة في هروب الأطباء من العمل في المستشفيات والمراكز التي تتبع وزارة الصحة والحكومة تحديداً، وهو أمر ناتج عن ضعف العائد المادي في هذه القطاعات، وبما لا يتواكب مع المتغيرات التي حدثت في المجتمع من ارتفاع في الأسعار إلى حد أن راتب الطبيب في هذه الأماكن لا يغطى إلا تكاليف انتقالاته.

وإذا أضفنا إلى ذلك بيئة العمل في هذه الأماكن وثقافة بعض المتعاملين مع هذه الأماكن والاعتداء على الأطباء لفظياً وأحياناً بدنياً سوف نعى الأسباب الجوهرية وراء هجرة الأطباء أو هروبهم من العمل في هذه القطاعات تحديداً.

نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب أضغط هنا

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى