نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: الاستقرار السياسى.. أهم ضمانات الدول

ليس من شك أن مصر تسير وبخطوات ثابتة فى الطريق الصحيح على مسارات عدة، لعل أبرزها ترسيخ أركان الدولة المصرية، بعد أن مرت بفترة عصيبة كانت فيها شبه دولة، كما أشار من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كان يقف وبدقة على حجم التحديات الهائلة التى تواجه مصر داخليًا وخارجيًا.. بدءًا من مواجهة الإرهاب وداعميه، ومرورًا بالتحديات الاقتصادية الصعبة وانهيار كثير من مرافق ومؤسسات الدولة، وانتهاء بالحرب الاعلامية والسياسية لمحاصرة مصر دبلوماسيًا والتأثير فى علاقاتها الاقليمية والدولية، وجميعها كانت فى اطار حروب الجيل الراعب التى تضع استراتيجيتها قوى كبرى وتعمل على تنفيذها دول ومنظمات ومؤسسات اقليمية ومحلية بهدف افشال الدولة واسقاطها.

الآن وقد استقرت مصر وحسمت معركتها فى أكثر من اتجاه، وباتت لاعبًا هامًا فى محيطها الاقليمى والدولى، وتخوض معركة البناء والتنمية فى أكثر من محور وحققت نتائج سريعة وملموسة اقتصاديًا وفى بنيتها الاساسية وعلى رأسها شبكة الطرق الحديثة، كما حققت قفزات هائلة فى مجال الطاقة، ويسابق أبناء مصر الزمن فى العاصمة الادارية وغيرها من المدن الجديدة التى تنقل مصر إلى مصاف الدول الحضارية خلال فترة وجيزة.. الأمر الذى يجعل مصر محط أنظار كثير من الدول، والأهم الشركات والمؤسسات الدولية التى تعمل فى مجالات الاستثمار وتكون وجهتها دائمًا إلى مناطق الاستقرار السياسى والأمنى.

من هنا بات واجبا على الدولة المصرية بكل مكوناتها أن تبدأ فى عملية بناء سياسى جديد بالتوازى مع عملية البناء الاقتصادى للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة التى يسعى إليها كل المصريين، ولعل خروج المصريين واقرارهم للتعديلات الدستورية منذ أيام، لم يكن  إلا بدافع الحفاظ على استقرار هذا الوطن، والانتقال إلى مرحلة الاستقرار السياسى التى تعد من أهم ضمانات الحفاظ على الدول فى مواجهة الداخل والخارج، وأيضًا أهم عوامل نجاح الاستثمار والتنمية الشاملة.. وإذا أضفنا إلى ذلك تجارب مصر سابقًا فى التعددية السياسية والعمل البرلمانى منذ أكثر من قرن كامل ونجاح هذه التجربة، سوف نعى أننا قادرون على اقامة حياة سياسية جديدة تضيف إلى رصيد الدولة الوطنية المصرية.

لذلك نحن الآن فى أفضل وقت للاعداد لبناء سياسى جديد خاصة أننا مقبلون على استحقاقات سياسية هامة سواء فى انتخاب مجلس الشيوخ أو انتخابات المحليات أو انتخابات مجلس النواب القادم وجميعها تحتاج إلى مشاركة سياسية حقيقية وهو أمر لن يتحقق بشكل فعال من خلال التوجيهات أو الضغط الاعلامى، وإنما بتفعيل دور الأحزاب التى تمثل ركيزة العمل السياسى فى أى دولة تسعى إلى التحول الديمقراطى، وهو أمر يحتاج إلى تحويل نصوص الدستور إلى قوانين فاعلة لتحديد ملامح المرحلة السياسية القادمة وعلى رأسها نظام الانتخابات القادمة.

وعليه فإن تنشيط الحياة الحزبية تصبح من أولويات هذه المرحلة ومن خلال نظام انتخابى قائم على التعددية الحزبية ـ أى نظام القوائم الحزبية ـ حتى تصبح الأحزاب قوة فاعلة ومؤثرة فى المجتمع وتقوم بدورها الوطنى فى توعية المواطنين وأهمية مشاركتهم السياسية واقناع الناخب بفكرة التعددية الحزبية باعتبار أنها السبيل نحو التحول الديمقراطى الحقيقى.. ثم تأتى الخطوة الثانية بإزالة معوقات العمل الحزبى وعلى رأسها الصورة الذهنية السيئة عن الأحزاب والعمل السياسى الذى رسخته الأنظمة الشمولية السابقة سواء بآلتها الاعلامية أو أجهزتها حتى تصبح الأحزاب مدارس سياسية جاذبة للشباب وفئات المجتمع، بعيدًا عن التيارات الدينية المتشددة وبراثن الإرهاب والادمان وغيرها، وتصبح أدوات فاعلة فى المجتمع من خلال أنشطة الأحزاب وبرامجها، كما أنها خطوة نحو التحول الديمقراطى الذى ننشده جميعًا وتساهم فى مزيد من الاستقرار لأن حالة الأحزاب من حث القوة والضعف تعد مؤشرًا على النظام السياسى ودرجة تطوره وهو أمر من المؤكد يجعل مصر فى صدارة الدول الجاذبة للاستثمار والسياحة والتطور والحداثة.

نائب رئيس الوفد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى