الأخبارنون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: الإصلاح السياسي.. وترسيخ الاستقرار

تكرر في الفترة الأخيرة الحديث عن الإصلاح السياسي.. في إشارة إلى أن المرحلة القادمة قد تشهد بعض التغييرات في عملية البناء السياسي للدولة، وقبل إجراء انتخابات مجلس الشيوخ والمحليات ومجلس النواب القادم، على اعتبار أن مصر قد تجاوزت مرحلة هامة وهى تثبيت أركان الدولة سواء أمنيًا أو اقتصاديًا بعد المرحلة التي مرت بها منذ ثورة يناير وما تبعها من فوضى عارمة في البلاد أدت إلى انهيار بعض مؤسسات الدولة وهروب كثير من رؤوس الأموال وانهيار الاقتصاد.

والأخطر كان في انفجار الأعمال الإرهابية بهدف ترويع وتخويف الشعب المصري ومؤسسته العسكرية التي ظلت على قوتها وتماسكها واستعدادها لمواجهة كل السيناريوهات والمخططات الخارجية والداخلية.. وهو الأمر الذي أدى إلى تماسك وإصرار المصريين على عبور هذه المرحلة بأقل الخسائر في الثلاثين من يونيو.

ثورة 25 يناير

مؤكد أن مصر استعادت حالة الاستقرار التام بعد أن أعادت بناء مؤسساتها من جديد سواء أمنيًا أو اقتصاديًا أو تشريعيًا، وانطلقت نحو الإصلاح الاقتصادي الذي تجاوزه الشعب المصري بصبر وصلابة شديدة وظهرت ملامحه في أوجه متعددة لعل أبرزها كان في شبكة الطرق الحديثة والبنية التحتية لمرافق الدولة، بالإضافة إلى عدد من المدن الجديدة، والآن يجرى إعادة تأهيل وتحديث شبكة الطرق والمرافق في القاهرة الكبرى لإعادة الوجه الحضاري مرة أخرى إلى القاهرة وغيرها من المدن، بحيث يشعر المواطن أن الإصلاح الاقتصادي له مردود ايجابي في معظم المرافق العامة التي كانت تعانى من إهمال وترد شديد.

مما لا شك فيه أن الإصلاح السياسي هو أيضًا من أهم عوامل الاستقرار في المجتمعات لأنه إحدى أهم وسائل ترسيخ المؤسسية وتثبيت أركان دولة القانون واستيعاب كل المتغيرات التي يمكن أن تطرأ على المجتمع.. وإذا شئنا الدقة فإن مصر في حاجة إلى تنمية سياسية وإصلاح سياسي معًا، لأن الحديث عن الإصلاح السياسي في مصر يتكرر منذ ستينيات القرن الماضي دون جدوى أو نتائج ملموسة في المجتمع المصري، ودون أن تحقق الحد الأدنى من تطلعات المصريين في وجود تعددية سياسية حقيقية، ومعظم التجارب التي حدثت في حقبة الرئيس السادات أو مبارك كانت تعد محاولات فردية، ولم تنتج سوى أصلاح شكلي وتعددية عرجاء سقطت مع أول اختبار مباشر مع الشعب في 25 يناير.

إذا أردنا إصلاحًا سياسيًا حقيقيًا يضيف إلى مصر ولا يخصم منها.. فيجب على الجميع تحمل المسئولية بدءًا من السلطة التنفيذية والتشريعية التي تتشارك الآن في إعداد مشروعات قوانين مباشرة الحقوق السياسية للمرحلة القادمة والتي يتم على أساسها إجراء الانتخابات للبرلمان القادم بغرفتيه النواب والشيوخ وأيضًا انتخابات المحليات، حتى نكون أمام ممثلين حقيقيين للشعب في كل المجالس المنتخبة على قدر المسئولية في حماية المواطن من تغول السلطة التنفيذية وأخطائها.

وعلى قدر المسئولية في حماية الوطن من عبث العابثين والمتآمرين وأصحاب الأجندات والمصالح الخارجية.. ولا يجب أن نغفل أن قوانين مباشرة الحقوق السياسية هي من القوانين الهامة والفارقة في عملية الإصلاح السياسي، ويجب طرح هذه القوانين لحوار مجتمعي شامل تساهم فيه القوى السياسية والمجتمع بشكل عام قبل إقرارها في مجلس النواب.

أيضًا هناك مسئولية تاريخية في هذه المرحلة على القوى السياسية والأحزاب تحديدًا، بحيث تتحول إلى مدارس سياسية حقيقية سواء في تنمية الوعي السياسي في المجتمع أو إعداد وتثقيف كوادرها سياسيًا ووطنيًا والدفع بها في المشاركة السياسية والمجتمعية من خلال الانتخابات القادمة بكل مراحلها، وأيضًا المساهمة في الوعي السياسي على مستوى قواعدها في القرى والمدن والأحياء بحيث يصبح لدى المواطن قدر من الثقافة السياسية يستطيع من خلالها معرفة أهداف وبرامج الأحزاب ويحسن اختيار ممثليه بعيدًا عن المتاجرين بالشعارات الدينية التي أكدت التجربة فشلهم وأهدافهم الخبيثة ضد الوطن، وأيضًا بعيدًا عن تجار المال والوطنية الزائفة، وكان أحد أسباب الجمود السياسي لفترات طويلة.

تبقى أهمية دور الإعلام في عملية الإصلاح السياسي، والمزايدات التي تحدث من البعض والقاء تهم الفشل عليها يمينًا ويسارًا.. ولعل أحد أسباب الجمود السياسي في مصر لسنوات طويلة كان بسبب إعلام الدولة وكتابها وحنجورييها دأبوا لسنوات طويلة على اتهام الأحزاب السياسية وترسيخ مفاهيم مغلوطة عنها وترديد مصطلحات الأحزاب الكرتونية وغيرها وتعيد أخطاءها بهدف شل حركتها وتشويهها أمام المواطن لصالح النظام الحاكم.. وهو أمر أيضًا ثبت فشله وضرره للوطن وزعزعة استقراره من آن لآخر، الأمر الذي يحتاج مراجعة حتى نرى إصلاحا سياسيًا حقيقيًا يساهم في استقرار هذا الوطن ونقله إلى مصاف الدول المتحضرة.

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

  tF   اشترك في حسابنا على فيسبوك  وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى