نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: أوربا تُعيد  رسم سياستها الخارجية من شرم الشيخ

♦ مؤكد أن القمة العربية الأوروبية قد نجحت قبل انعقادها، لأن توجه وتحرك الاتحاد الأوروبى دائماً ما يكون مدروساً وبعناية قبل تحديد وجهته، ومعنى هذا الحضور المكثف من دول الاتحاد الأوروبى، ومشاركة قادة الدول الكبرى لألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والنمسا ورئيس رومانيا والاتحاد الأوروبى كلاوس يوهانيس، ودونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى الأعلى وجان كلود بونكر رئيس المفوضية الأوروبية اضافة الى فيدريكا موجيرينى رئيس المفوضية العليا للسياسة الخارجية، ويوهانس هان المفوض الأوروبى لسياسة دول الجوار.. مما يشير بوضوح الى انتقال الاتحاد الأوروبى بكل ثقله الى مدينة شرم الشيخ فى دلالة واضحة على أن أوروبا تعيد  رسم سياستها الخارجية من جديد، وأن الجغرافيا لمنطقة الشرق الأوسط قد مرضت نفسها لفتح صفحة جديدة فى العلاقات الأوروبية العربية.

♦ لا شك أن نجاح مصر فى عقد هذه القمة التاريخية له أسباب وأوجه متعددة يأتى على رأسها سياسة مصر الخارجية المتوازنة والهادئة، ثم مصداقيتها في علاقتها الثنائية مع عدد  كبير من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا بتأثيرهما فى الاتحاد الأوروبى، ولا يمكن إغفال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى كأحد العوامل الداعمة لأهمية الدور المصرى، وعلى الجانب الآخر للمتوسط شهدت العلاقات الأوروبية الأمريكية فتوراً شديداً منذ تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة وقراره بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ثم تفجيره لعدد من القضايا التجارية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبى وأخيراً سياسة ترامب الأحادية فى عدد من القضايا الدولية، أما الأمر الثانى والجوهرى كان للجغرافيا التى فرضت نفسها على ضفتى المتوسط بعد ما باتت أوروبا ملاذاً آمناً لعشرات ومئات الآلاف العرب سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية بسبب الثورات والحروب العرقية والأهلية وانتشار الإرهاب، وأدت بالتبعية لمشاكل كبرى داخل بعض الدول الأوروبية سواء كانت ببعض العمليات الإرهابية أو بمشاكل متنوعة فى المجتمع الأوروبى وسببت ضغوطاً شديدة على الحكومات الأوروبية فى مواجهة شعوبهم، إلى حد أن اليمين المتطرف فى أوروبا حقق مكاسب هائلة على حساب هذه القضايا.

♦ لكل هذا وغيره جاء انعقاد القمة العربية الأوروبية فى توقيتها المناسب وفى ظروف يحتاج فيها كل طرف للآخر، ولذلك جاءت المناقشات بناءة وصادقة فى شتى الملفات والقضايا لفتح صفحة جديدة فى العلاقات، مبنية على الحوار والتعاون والتفاهم، خاصة وأن أوروبا تعى جيداً أنها انساقت خلف سياسات الولايات المتحدة ومخططاتها وأهدافها فى منطقة الشرق الأوسط التى أدت إلى حالة الفوضى الخلاقة وتسببت فى الوضع المأسوى الذى تعيشه المنطقة مما ساهم فى استفحال ظاهرة الارهاب ودعمها من بعض الدول، واكتوت بنارها بعض دول أوروبا، ولا أغالى اذا قلت إن هذه القمة كشفت عن رغبة أوروبية صادقة فى التعاون الحقيقى، ربما تكون اكبر من رغبة بعض الدول العربية التى لم تشارك أو شاركت بمستوى لا يليق بهذه القمة.

♦ من هنا يجب على مصر وهى تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية أن تبذل جهداً مضاعفاً مع الجامعة العربية والاتحاد الأوروبى لإنجاز التوصيات التى خرجت بها القمة خاصة وأنها فاقت كل التوقعات، ومست قضايا شائكة وعالقة منذ سنوات طويلة مثل القضية الفلسطينية وقضية الإرهاب والوضع فى سوريا وليبيا واليمن وقضية الهجرة غير الشرعية.. اضافة الى التأكيد على تطوير المشروعات المشتركة وزيادة حجم الاستثمارات وجميعها توصيات إذا تحققت وساد الأمن والاستقرار المنطقة لأصبحنا أمام أعلى معدلات نمو فى العالم لصالح الشعوب العربية وأيضاً الأوروبية.

نائب رئيس حزب الوفد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى