نون والقلم

عبدالعزيز النحاس يكتب: هل ضرب فيروس الفيفا الاتحاد المصري؟!

 سؤال يطرح نفسه.. لماذا تنجح مصر في المهام الصعبة والتحديات الكبرى، وتفشل فيما هو أقل وأسهل؟!..  ولماذا تحقق مصر الأرقام القياسية في الأمور التي تتم تحت بصر ومتابعة القيادة السياسية.. بينما تفشل في الأمور والإجراءات التي تسير في القطاعات والهيئات المرتبطة بالعمل الوظيفي الجماعي؟!.. أعتقد أن هذا هو داء المصريين وسر تراجعنا  وفشلنا في بعض المجالات، وآخرها الآن في كرة القدم التي صدمت الشعب المصري ومعه كثير من الأشقاء العرب الذين منوا النفس بمشاركة المصريين فرحتهم والاستمتاع بموهبة محمد صلاح على الملاعب المصرية، وللأسف خاب ظنهم وأملهم، ليس فقط في الحصول على البطولة، وإنما بالاستمتاع بأداء ومباريات المنتخب التي  جاءت باهتة وصادمة للشعب المصري.

كرة القدم كانت حتى سنوات قريبة لعبة شعبية تجذب الملايين في شتى أرجاء المعمورة، وكانت توضع فى خانة القوة الناعمة للدولة مثل البرازيل والأرجنتين وإيطاليا  وبعض الدول التي أبدعت في هذا المجال.. مثلها مثل الفنون والثقافة وغيرها  من القوى الناعمة التي تستخدمها الدول لمصالحها في محيطيها الإقليمي و الدولي.. الآن تحولت الرياضة وكرة القدم تحديداً في معظم دول العالم إلى صناعة ضخمة واستثمار يجذب المليارات، وبطولات تتنافس عليها كبريات الدول، وتحقق من  خلالها أرباحا قياسية تساهم في الاقتصاد الوطني لأي دولة.

إضافة إلى كونها لعبة شعبية مؤثرة في المزاج الاجتماعي للشعوب، ولذلك لم يعد مستغرباً أن نجد كثيرا من رؤساء الدول يتابعون المباريات وسط المدرجات وبين الجماهير سواء لتحفيز فرقهم أو لترسيخ شعبيتهم في هذا القطاع الجماهيري الكبير كما رأينا في بطولة كأس العالم الأخيرة بروسيا.

الواضح أن هذا القطاع في مصر ما زال حبيس الاحتكار مثله مثل قطاعات كثيرة ضربها الاحتكار خلال الأنظمة السابقة التي خصخصت كثيرا من القطاعات على طريقة عاطف عبيد «أي خصخصة بطريقتها الخاصة»، ونتج عنه احتكار السياسة والاقتصاد والبرلمان وصار عرفاً سائداً في البلد.. والآن نراه في الرياضة ونرى نتائجه على أرض الواقع، ويبدو أن الفيروس الذي نقلته قطر إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم ـ الفيفا ـ وضرب أركانها وفجر كل أشكال الفساد داخل هذا الاتحاد، وصل إلى مصر بالتبعية ووجد له أرضاً خصبة ينمو فيها.. ومع أن عمليات التطهير تحدث في الفيفا بالاستجوابات والتحقيقات والعزل والحبس، وإلى حد التهديد بسحب ملف تنظيم كأس العالم القادمة من قطر.. إلا أن عملية التطهير لم تصل مصر حتى الآن ونسمع عن حواديت وحكايات كثيرة منذ خروج مصر من البطولة كانت تحدث داخل اتحاد كرة القدم المصرية، ولا أعرف هل هي حقيقة أم مجرد شائعات، ويمنعني التزامي الأدبي والمهني من تسطير وسرد بعض ما سمعته سواء عن الأشخاص أو الاتحاد ذاته.

على أقل تقدير، وإذا اعتبرنا أن كل ما يطرح في السوشيال ميديا مجرد شائعات.. فإن ما حدث في بطولة الأمم الإفريقية وظهور الفريق المصري بهذا الشكل المتواضع يؤكد أن المنظومة تدار بشكل سيئ، وتحتاج إلى إعادة نظر وتدخل سياسي وليس أدل على ذلك من ضعف الدوري المصري، وعدم انتظامه سواء من حيث المواعيد أو الحضور الجماهيري أو السلوك العام لبعض رؤساء وأعضاء الأندية، وهو أمر من المؤكد أدى إلى تراجع الدوري المصري والمنظومة الكروية، وظهر تأثيرها بشكل واضح على المنتج النهائي، وهو وجود فريق قومي مصري يليق باسم مصر، وبأكثر من مائة مليون نسمة عاشت في شغف لمتابعة فريقها في كأس العالم وخيب آمالها، وتحينت فرصة التعويض في كأس الأمم الإفريقية واعتلاء منصة التتويج على أرض إستاد القاهرة، وجاءت الصدمة أشد في النتيجة والأداء.

نحن نستطيع أن نصنع كرة قدم حديثة ومتطورة شريطة أن تمتد يد العدالة والمحاسبة إلى المقصر أو الفاسد إن وجد.. وأن نبدأ من حيث انتهى الآخرون بوضع القواعد الاحترافية لهذه المنظومة من القاعدة إلى القمة بعيداً عن المجاملة والمحاباة والهواة.

نحن نستطيع أن ننجح في هذا القطاع لأن لدينا القدرة، وكل التجارب السابقة تؤكد قدرة مصر على صناعة كرة قدم حديثة تنافس عالمياً، وليس أدل على ذلك من نجاح مصر في تنظيم هذه البطولة، وبشكل أبهر العالم في وقت قياسي لم يتجاوز خمسة أشهر بتوجيهات ومتابعة الرئيس عبدالفتاح السيسى وكل أعضاء الحكومة، وهو الأمر الذي يحتاجه قطاع الرياضة وكرة القدم تحديداً في هذا الوقت وقبل أن تبدأ المسابقات المحلية الجديدة حتى نرى كرة قدم حقيقية في مصر.

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى