نون والقلم

عاطف دعبس يكتب: الهجوم على «الأشقاء» والمنطق الغائب

فجأة أصبح الهجوم على السوريين.. حديث معظم الناس و بلا منطق .. في ذات الوقت الذي نتشدق فيه كلنا وفى نفس واحد . بما معناه أن مصر هي حضن  لكل العرب.

وقد جاء الهجوم، لأن بعض الأشقاء السوريين صدر عنهم تجاوز هنا أو إستخاف هناك، رغم أن طبيعة الأشياء تجعلنا  لا نعمم السيئة على الجميع ، وأن التعامل مع بعض السلبيات يجب أن يتم وفق القانون الذي يحدد العلاقات سواء العامة أو الخاصة.

وعندما تتابع الهجمات من خلال صفحات التواصل الاجتماعي لا تجد سوى مزايدات وسخافات، حسبها البعض على الأشقاء، وأنهم استقوا بالمال والأعمال التي أسسوها، وتحولوا إلى شعب داخل شعب، وأن مالهم مشبوه وأنهم مدعومون من بعض الدول المعادية لمصر.

مثل قطر وتركيا وحتى إيران، وأن بعضهم «يلسن» على مصر التي احتوته وأمنت له السكن والعمل والأمل والأمان، وكانت الحضن الدافئ، وتجد بعض المصريين يحسبون تصرفات بعض السوريين الذين يتعاملون معهم بندية ، على أنه لا يجب أن يكون التعامل بالمثل ، وأن السوري ليس على نفس الدرجة وأنه في مستوى أدنى من المواطن المصري.

نفس الأشخاص الذين كانوا يشيدون بأخلاق السوري ونشاطه ونظافته وأمانته، هم نفسهم الذي انقلب موقفهم من النقيض للنقيض.

والخلاصة، أن مصر فتحت بابها الكبير للأشقاء السوريين، لأنها مصر القوية والكبيرة، وأن السوري. لا يقل في الحقوق والمواطنة عن المواطن المصري، والقانون ينظم العلاقات بين الجميع، وهو ليس متسللا ولم يأتي عبر وسائل غير مشروعة.

مصر هي الأم التي تستقبل كل الأشقاء بنفس الحضن الذي يتمتع به المصري، ومن قديم الأزل ، استقبلنا  حتى الأجانب، والأشقاء من فلسطين والسودان والكويت والعراق، لم يتحدث أحد «بالسلب والمن  والفضل». رغم أن بعض الأصوات وفى أوقات متباينة، استخدموا نفس نغمة الهجوم على الأشقاء المحتمين والمستجيرين بنا ، من باب الواجب والأخوة والقومية وحتى عشم الابن في الأب والأخ بالأخ الحبيب.

كيف نسمح بموجات الغمز واللمز على انتماء السوريين ومصادر أموالهم الخ ، وكأن الأجهزة المسؤولة في مصر غائبة ، وأنها لا تعرف ونحن الذي نعرف؟ كيف نتجاوز على الجميع بسبب تجاوز بعض المتجاوزين، كيف ندخل العلاقات الخاصة في تعاملنا مع بعضهم ونحسب أنفسنا أفضل منهم قيمة ووضع ، رغم أن القانون واحد علينا جميعا ولا يميز بيننا في البيع والشراء الخ.

يجب أن يفهم الجميع أن قيمة مصر في حضنها الكبير .. وهذا هو قدر مصر وقوتها الناعمة والغشيمة. والغشم هنا يعنى القوة في المحاسبة والسيطرة، نفتح أبوابنا لكل من أغلقت أبواب بلادهم في وجوههم لظروف قهر أو حرب أو ظلم وحتى ضيق ذات اليد.

رغم كل ما تعانيه مصر إلا أنها لا تستطيع أن تتنازل عن مكانتها كحصن وحضن وأمن وسلام للجميع، لا تحدثني عن سلبيات إقامة، في وطن يسيطر على ربوع خريطته ويعلم كل تفاصيل المخططات التي تستهدفه، وقادر على الاحتواء والمحاسبة، وثق في قوة بلدك وأن مصر  هي أم الدنيا، ولأسباب حضارية وإنسانية، أصبحت هي الحض والحصن لكل الأشقاء في العروبة والقومية وحتى الإنسانية.

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى