نون والقلم

عائشة سلطان تكتب: يوم الشهيد يوم الوطن

في ذاكرة الشعوب، يطل يوم الاستقلال أو يوم الوحدة كيوم خالد لا يشبهه أي يوم آخر، يوم يشبه العيد، أو الانتصار، يوم تهزك فيه الأغنيات الوطنية التي تبثها الإذاعات وأجهزة التلفزة، وتتذكر أنك وأنت طالب صغير تكون في أكثر حالاتك ابتهاجاً في هذا اليوم، إذ تحيي العلم متحفزاً كمن سيذهب إلى معركة، وتردد كلمات النشيد الوطني كأنك تقبل جبين الحياة.

هكذا نحن ممتلئون بالإمارات مذ كنا صغاراً جداً بالكاد نتعرف حروف الأبجدية، ولدنا وولد الوطن معنا فكان كأحدنا، كان صديقنا الذي كبر معنا، وكبرنا نحن به، ومعا شهدنا كيف تنمو الأوطان حباً، وكيف تزهر وتزدهر، وتصير هوية وانتماء وأمنيات لا حدود لها.

حين أشرق وعينا، عرفنا أن الوطن أرض وبيت، وأنه الحي الذي ولدنا فيه، وأصوات الأمهات اللواتي سهرن على تربيتنا بدأب ليقدمننا له، عرفنا أنه الذاكرة والتراب ومرابع اللهو في سنوات العمر البهي، وأنه المدرسة والأصحاب والدفاتر والأقلام الملونة وأنه الكتاب والطباشير والمعلمة، وأنه السماء والغيم والمطر والبحر والسهل والجبل، وأنه الصحراء والرخاء، عرفنا أن هذا الوطن هو زايد الأب والمؤسس والباني الكبير الذي لولا رؤيته وبصيرته وحكمته ما كانت الإمارات، ولا كان الاتحاد، ولما امتلكنا وطناً كالإمارات نباهي اليوم به كل العالم.

الإمارات التي كانت قبل سبعة وأربعين عاما مجرد حلم في وجدان زايد وراشد إذ يجلسان على رمال الصحراء يخططان لهذا اليوم الذي نعيشه وننعم به جميعنا اليوم.

الإمارات هي أمي البسيطة التي لا تعرف القراءة ولا الكتابة، لكنها ككل أمهات الإمارات قدمت بفضل الله وبصيرة زايد كل هؤلاء الأبناء المتفانين في حب وخدمة الإمارات.

والإمارات هي التراث الأصيل والانتماء العربي والإسلامي العميق، وهي التسامح مع الجميع والانفتاح على الآخر، وهي أكبر من تلك الصورة الفلكلورية التي يحلو للبعض أن يصورها باعتبارها جملاً وخيمة ونقوش حناء، إنها دولة شُغِلت بالجد والعمل وبالاجتهاد والاقتصاد والجامعات والتخطيط، وهي الطموح الذي لا سقف له، والمستقبل الذي لا ينسى ماضيه وهو يعيش حاضره بطمأنينة.

إنها الوطن النبيل الذي أخذنا من أيدينا بمحبة، ولقننا كيف نحبه ونحميه ونخاف عليه، فأحببناه، أكثر من أنفسنا، لذلك يسارع الشباب إلى ميادين القتال مجللين بالشجاعة وبالمحبة والرجولة، يقدمون أرواحهم لأجل الإمارات ولحمايتها، لتبقى مصانة عصية على أن تمس، طالما استقر معنى الشهادة في عقول أبنائها كمرادف للحياة وللكرامة..

حفظ الله الإمارات ورفع مجد شهدائها في أعلى عليين.

نقلا عن صحيفة البيان الإماراتية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى