نون والقلم

طوق النجاة من الفساد

أزمة أى مجتمع هو الفساد.. وسبب مشاكل أى أمة.. وهو الطريق الأسرع إلى الفشل.. فالفاسدون لا يهمهم الآخرون ولا يهمهم الناس.. رغم أنهم أكثر المتحدثين عن الفقراء وأوجاعهم.

أخبار ذات صلة

الفاسد يعتقد أن جميع من حوله فاسدون وينجذب إلى من يحدثه عن هذا أو تلك ويبحث عن زلات الآخرين وسيرتهم ويتدخل فى حياتهم دائماً يبحث عمن لديه ذلة أو كما كان يقال فى المصطلح السياسى المجروح، من أجل أن يرى مبرراً لما يفعله ويكون لديه القدرة على السيطرة على الآخرين.

والفاسد هو أكثر الناس تحدثاً عن الفساد وعن الشرف والقيم والأخلاق والمثل وعن النزاهة والشرف والأيادى البيضاء والطهارة والإيمان وحامى الفضيلة وعن الدين ومعرفة الله لأنه يتخفى وراء هذا الحديث كى يقنع من حوله أنه فاضل وشريف وعفيف.

والفاسد يحرص على أن يكون من حوله على شاكلته لأنه يريد أن يسمع منهم كلمات «حاضر ونعم وتم ونفذ» فهو يريد خدماً ينفذون أوامره ويكره الأسياد وأصحاب الرأى، لذا يجد ضالته عندما يعثر على واحد من هؤلاء يقربه ويجعله من الذين يعتمد عليهم حتى ولو كان بالأمس عدواً له.

الفاسد من يؤيد السلطة مهما قالت ومهما فعلت ودائماً يقرب منها ويحتمى بها ويغدق عليها من المديح حتى يصل الأمر إلى حد النفاق والسلطة بالنسبة له هى الحماية وهى الحصن الذى يختفى وراءه.

الفاسد إنسان فاشل ودائماً يحمل الآخرين مسئولية فشله ودائماً لديه كبش الفداء ومبررات الفشل جاهزة ومعدة حتى إن سأله أحد دائماً يكون هناك من يحاربه ويقف فى طريقه ويعرقله ولا يمكنه من تحقيق ما كان يريده بسبب أعدائه.

فالفساد ليس فساداً مالياً وإدارياً أو وظيفياً لكن الفساد هو فساد الضمير والروح والعقل، فالفاسد دائماً تنتابه روح الانتقام من الآخرين وممن هم أحسن وأفضل منه ولهم رأى وموقف وهو عنيف فى انتقامه ولكن دائماً تكون نهايته مأساوية.

فالفساد فى أى مكان لا يكون إلا إذا تم إبعاد الكفاءات واستبدالها بأهل الثقة والمطيعين دائماً أو من ينقلون الأخبار أو المنافقين وأى مكان فى العالم فاشل ستجد فيه هذه التركيبة وترى فيه الصراعات والخلافات بين أفراده حتى يتم تصفية كل واحد الآخر، فالنجاح هو العدو الأول للفساد.

فالقضاء على الفساد ليس فقط قوانين وقرارات لكن بناء الإنسان وتكوينه وتعليمه وقدوته التى يقتدى بها والقضاء على الفساد يحتاج إلى قيادات صادقة فى حربها على الفساد ووقتها ستختار الكفاءات حتى وإن كانت مختلفة معها فى الرأى أو معارضه لها لأن الكفاءة والخبرة معاً شرطان أساسيان للنمو والنجاح والتقدم لأى مجتمع.

الفساد والفاسدين آفة تحتاج إصلاح المجتمع أولاً وإعادة بناء المنظومة القيمية فيه وإعادة روح التراحم داخله، والأهم تقديم نماذج للعدالة الحقيقية والمساواة بين أفراد المجتمع.

ويحتاج قبل كل هذا وذاك الشفافية والمصارحة والحرية فى طرح الأفكار والآراء بدون خوف وتحمل النقد مهما كان قاسياً واستشارة الآخرين وليس المجموعة المحيطة بالمسئول أى توسيع دائرة مشاركة الآخرين فى صنع القرار وهذا لن يأتي إلا فى ظل طرح كافة القضايا بصراحة ووضوح على المجتمع.

فطوق النجاة من غول الفساد هو التخلص من الفاسدين مهما كانت مناصبهم أو نفوذهم، واقتناع الجميع بأنهم الخطر الأهم على مسيرة التنمية فى أى مجتمع، وقبلها تحمل كل مسئول نتائج ما قام به من أعمال، وقتها سينجو المجتمع من هذا الغول المخيف.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى