غير مصنفنون والقلم

طارق تهامي يكتب: ميليشيات إرهابية في ملابس قوات تركية

طلب الرئيس التركي، رجب طيب أردوجان، من البرلمان، الموافقة على إرسال قوات تركية إلى ليبيا، في خطوة توحي بأن الرجل الذي يرعى الميليشيات الإرهابية، يلتزم بالقانون، حين يُقدم على غزو بلد بعيد عن حدوده!! ليبدأ التساؤل حول الهدف الحقيقي، من وراء إصرار أردوغان على الدخول بقواته في ليبيا، رغم أن كل الحسابات العسكرية، تؤكد أنها «مغامرة» غير محسوبة، ولنتساءل، أيضاً، لماذا يقوم بهذا التصعيد السريع، رغم التحذيرات الدولية؟

أخبار ذات صلة

الحكاية – قطعاً – ليست – فقط – تقدم قوات الجيش الليبي الوطني بقيادة خليفة حفتر إلى العاصمة الليبية، وسيطرته عليها، لأن المعارك فى ليبيا قائمة منذ اندلاعها، على الكر والفر، واستنزاف القدرات في حروب الشوارع، وأيضاً، تعتمد على الدعم المستمر من الحلفاء للقوات المتناحرة.

كل المؤشرات تؤكد أن أردوغان يبحث عن سبب خارجي، يبتعد به عن الأزمات الاقتصادية المتوقعة له، بالإضافة إلى الحفاظ على مكاسب هائلة يحصل عليها من علاقته بحكومة السراج، وهذا ما فسرته صحيفة «ديلى صباح» التركية، أن المقاولين الأتراك امتلكوا مشاريع في ليبيا تصل قيمتها إلى 28.9 مليار دولار، ولعل هذا هو الهدف الحقيقي وراء الدعم التركي الكبير لحكومة فايز السراج، فخلال الأشهر الأخيرة وصلت المحادثات التركية الليبية بشأن الجوانب الاقتصادية إلى ذروتها، قبل أن تعطلها معركة طرابلس التي أعلنها الجيش الليبي، لاستعادة العاصمة من قبضة حكومة السراج والميليشيات الإرهابية الموالية لها، وأوضحت الصحيفة، أنه قبل شهر من إعلان الجيش الليبي انطلاق معركة تحرير طرابلس، اتفقت مجموعة عمل تركية ليبية، على استكمال المشاريع غير المنتهية للشركات التركية في ليبيا.

قد يكون تحقيق هذا الهدف، هو أحد الأسباب التي دعت أردوغان إلى التحرك بسرعة نحو إرسال قوات تدعم السراج في ليبيا، ليبقى الهدف الحقيقي، خفياً، أو غير واضح، رغم أن الجميع يعرف أن أردوغان يقوم الآن بدور القائم بأعمال غيره، من بعض القوى الغربية، فهو الراعي الرسمي لقوات داعش، سواء في العراق، أو سوريا، وهو الداعم السياسي لكل التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وأعتقد أن الهدف الحقيقي، من إرسال قوات تركية إلى ليبيا، هو نقل التنظيمات الإرهابية المسلحة، التي اتخذت من العراق وسوريا موطناً إلى ليبيا، ومنح أفراد هذه التنظيمات ملابس الجيش التركي، ونقلهم عبر الجو والبحر، بمعدات نقل عسكرية تركية، وبذلك تجد هذه التنظيمات غطاء رسمياً لنقلها دون مطاردة دولية، ولتحقيق عدة أهداف، أولها تهريب العناصر الإرهابية الموالية لتركيا، من منطقة التخريب التي اشتعلت خلال السنوات التسع الماضية، وخاصة في سوريا، عقب تحقيق الهدف بكفاءة.. والهدف الثاني، نقل نفس العناصر إلى المنطقة الجديدة التي تم اختيارها، وهى ليبيا، التي يتم إعدادها حالياً لتصبح منطقة صراع تشتعل وتحرق دول الجوار.

الدول الداعمة لحكومة السراج، والمناهضة لتقدم اللواء حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، تسعى بكل الوسائل، لمساعدة الميليشيات المقاتلة في جانب الحكومة الليبية، على البقاء بقدرات أكبر للسيطرة على الأجزاء التي تديرها لصالح بعض الدول الحليفة، خاصة أن هذه المناطق تتميز بتوافر البترول، وتدفق الغاز فيها، ما يجعل المعارك المتوقعة غاية في الشراسة، في حالة نجاح تركيا، في تهريب الميليشيات الداعمة، عبر الغطاء الرسمي التركي، بالإضافة إلى أن عين أردوجان على الغاز المتدفق من البحر المتوسط، قد يجعل الصراع دولياً، ومن يمتلك القدرة المسلحة البحرية، خلال هذا الصراع، سوف يُحافظ على حقوقه كاملة.

هذا الحديث يقودنا إلى الحديث عن مصر، التى تلتصق حدودها بليبيا، فهي لن تسمح قطعاً بأي تهديد لأمنها القومي، وهو موقف واضح عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال اتصال هاتفى أجراه مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بضرورة وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في ليبيا الجارة الغربية لمصر، وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضى، إن المناقشات ركزت خلال مكالمة الرئيسين على تطورات الأوضاع في ليبيا، مع بروز النوايا التركية للتدخل بها عسكريا لدعم ميليشيات حكومة طرابلس.

إذًا الأمر واضح، فالتسارع التركي، لإرسال قوات تركية «ظاهرياً» وتهريب ميليشيات إرهابية «فعلياً» قد يؤدى إلى إحراق المنطقة بأكملها، وليس أمامنا سوى مواجهة هذا المخطط بكل حسم، لأن الأمن القومي المصري خط أحمر لا يقبل الجدل.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
tF اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى