نون والقلم

طارق تهامي يكتب: «حياة كريمة» وصلت الهنادي!

هناك في الصعيد الجواني، فوجئ أهالي بلدتنا، قرية الهنادي. التي تحتضن الجبال القاسية، في مركز إسنا، بمحافظة الأقصر، منذ أيام قليلة، بحركة غير عادية، وبسيارات نقل وعمال وموظفين، يغرسون لافتة جعلت أهل القرية يبتسمون ويشعرون بالراحة النفسية، لأن الدولة بدأت تراهم وتهتم بهم، الصورة تحمل صورة الرئيس السيسي، ومكتوب عليها عبارات كان أهالي الهنادي يعتقدون أنهم لن يقرؤها إلا على شاشات التليفزيون، ولكنهم أصبحوا يقرؤنها على لافتة حديدية ويرونها مرأى العين، مثل «المبادرة الرئاسية.. حياة كريمة» وعبارة أخرى مثل «تنفيذ مشروع الصرف الصحي لقرية الهنادي»… ولا تتعجب عندما أقول لك إن الصرف الصحي. بمفهومه الحديث لم يدخل إلى قرية الهنادي ونحن في عام 2021. وكل أدوات الصرف الصحي قام بتنفيذها الأهالي لبيوتهم. بشكل فردي، بطرق قديمة وبدائية. ولذلك يجب أن نتذكر كلماتنا التي رددناها هنا بين الحين والآخر. التي قلنا فيها إن أهل الصعيد يعيشون حياة قاسية.

يجب أن تعترف، أن مبادرة «حياة كريمة» تستحق الإشادة، ويستحق صاحبها الشكر، ويجب أن نؤكد أن إضافة تنمية القرى للمبادرة تمثل إنجازا تاريخيًا، لأن هذه القرى لم تشهد تطورًا نوعيًا لصالح الإنسان الذي يعيش فيها منذ أكثر من 100 عام.

هذه القرى التي يستهدفها المشروع، تهدف لتحسين مستوى معيشة 58 مليون مواطن يعيشون في الريف، بما يمثل نحو 60% من عدد المصريين، وهو مشروع ضخم يتكلف 500 مليار جنيه، وهي أرقام تعكس حجم المشروع الذي لا يهدف إلى تحقيق أرباح مالية، ولكنها تستهدف تنمية المجتمع، وبناء الإنسان الذي تمنحه الدولة حقوق المواطن الذي يمتلك موارد بلاده، وهو منهج جديد سيؤدى إلى تطور تفكير المواطن البسيط نحو علاقته بالدولة.

نتيجة هذه المبادرة سوف تظهر خلال سنوات قليلة، مع ظهور جيل مستفيد من تحقيق التنمية الاجتماعية في مناطق سكنه، وهو ما سوف ينعكس على استقباله للعلم والرياضة وتحسين مستوى البيئة صحيًا وذهنيًا، وكل هذا بدوره سوف ينعكس على مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي للدولة بمفهومها الشامل.

نعود إلى الهنادي، التي تمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة. فهي تصلح لإقامة مشروعات متعددة، يمكن استغلالها في التنمية المستدامة للقرية، وللقرى المجاورة لها، وإقامة مشروع كبير بجوار القرية، هو أمل أهلها، لأن فيه خلاص لشبابها من البطالة، فمن حق أهل هذه البلدة الصغيرة الحصول لأبنائهم على فرص عمل، بل إن أملهم في البداية هو العمل في كل مشروعات حياة كريمة داخل القرية.

إذا أردنا إيقاف الهجرة إلى القاهرة، يجب أن نبدأ بتشغيل شباب الصعيد في بلدانهم، ويجب أن نهتم بإقامة مشروعات لهم في إطار القرى والمراكز، حتى لا يهجروا الحياة القاسية، وفرص العمل النادرة إلى القاهرة التي لم تعد تحتمل تكدسًا وأصبح الحصول على فرصة عمل فيها يشبه دربًا من المستحيل!!

أتمنى أن أجد رجل أعمال شجاع. يقرر اقتحام الصعيد، وأرجو أن يبدأ بقريتنا الهنادي بمركز إسنا. وسوف يجد العمالة الجيدة بعد تدريبها، وسوف يجد الالتزام. وسوف يحصد نتائج خوضه تجربة الاستثمار في الصعيد الجواني. نعم سوف يحصد أرباحًا مستقرة. وسيجد سوقًا جديدًا يستعد لتحقيق التنمية، خاصة أن الدولة بدأت تنظر إلى هذه المساحة الغائبة عن العيون لأول مرة في التاريخ الحديث، فقد كانت مهملة عبر مئات السنين، رغم أنها مصدر حضارة مصر منذ آلاف السنين!

شكرًا للرئيس صاحب مبادرة حياة كريمة. فقد وصلت المبادرة إلى أبعد مكان لتحقيق تنمية الإنسان. ونتمنى أن يقتحم رجال الأعمال هذه القرى. التي تبحث عن مشروعات اقتصادية تحمى أبناءها من البطالة!

tarektohamy@alwafd.org

 للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

 –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى