نون والقلم

طارق تهامي يكتب: العالم بدون جوجل

هل يمكن أن تعيش بدون جوجل؟ هل تتصور أنك تبحث عن معلومة، ثم تُمسك بهاتفك المحمول، وتقوم بتشغيل الإنترنت، والدخول إلى المتصفح، ومنه إلى محرك البحث جوجل، وتنتظر التحميل، فلا تجد المحرك الأشهر والأكثر استخدامًا في العالم؟

سؤال صعب.. ولكنه مطروح بقوة في العالم الغربي الذي يناقش الآن خطورة زيادة الإقبال على موقع «تشات جي بي تي» القائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي.. فقد يصبح «تشات جي بي تي» بديلًا لجوجل، ولكنه البديل الأسوأ لأنه يهدد العقل البشري بالتوقف والاعتماد على الموقع الجديد في كل شيء.. وأصبح الشغل الشاغل لمراكز الأبحاث التكنولوجية الغربية الآن هو كيفية مواجهة مخاطر الوحش الإلكتروني الجديد القادم.

الخطورة واضحة.. فإذا كان جوجل يساعدك على البحث، ويوفر وقتك الذي تنفقه في البحث عن المعلومات فإن «تشات جي بي تي» يقوم بأداء مهام إضافية بالنيابة عنك، فهو يقوم بالبحث، والتدقيق، والكتابة، وتنفيذ أعمال كثيرة مثل المشروعات البحثية العلمية، ما يجعل دور الإنسان محدودًا حتى في المهمة التي تفرد بها منذ بدء الخليقة وهي «التفكير»!!

توقف العقل البشري

الغريب أن هذا الموقع الخطير يقوم بأعمال أخرى، مثل مقابلات العمل، وكتابة القصص، وكتابة المقالات والموضوعات بدلًا من الصحفيين، والأخطر من ذلك هو كتابة واجبات الأطفال المدرسية، ما يهدد العقل البشري بالتوقف، والاعتماد على عقل إلكتروني بديل!!

من أغرب الأخبار التي نُشرت في الصحف الأمريكية أن روبوتا مجهزا ببرنامج «تشات جي بي تي» قد نجح بتفوق في امتحان كلية القانون في إحدى الجامعات الأمريكية، وقد تضمن الامتحان أسئلة تتطلب كتابة مقالات عن موضوعات قانونية مختلفة مثل القانون الدستوري والضرائب والإضرار بالآخرين، وفقًا لما نشرته شبكة سي بي إس الإخبارية الأمريكية.

وقال أساتذة في كلية القانون التي أجرت الامتحان إن الروبوت أظهر فهمًا عميقًا لأساسيات القواعد القانونية، وكانت أفكاره تتميز بالتنظيم وتماسك البنية، ولكن أداة الذكاء الاصطناعي واجهت صعوبة عندما تعلق الأمر بكتابة الاستجوابات المفتوحة التي لا يمكن الإجابة عنها بـ«نعم» أو «لا» بل تحتاج تفسيرًا وتوضيحاً.

ما هو موقع جي بي تي؟

موقع جي بي تي  (ChatGPT)‏ هو تطبيق وروبوت دردشة من تطوير شركة أوبن إيه آي الأمريكية، وبرنامج الموقع يعتمد على الذكاء الاصطناعي للإجابة عن أسئلة المستخدم بطريقة إبداعية وكتابة مقالات عندما يطلب منه ذلك.

وطبقًا لما هو منشور في موقع wikipedia فإن هناك عدة أسباب قد تجعل البعض يخشون استخدام تقنية Chat GPT الذكاء الاصطناعي، ومن بين هذه الأسباب: القلق من استخدام البرنامج في مأموريات سيئة مثل الحصول على معلومات حول الاحتيال وسرقة المنازل، وقدرة البرنامج على إنتاج مواد متفجرة وقنابل، كما يمكن لمحركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تمرير معلومات خاطئة أو أخبار مزيفة، خاصة إذا تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على هذه المهمة باستخدام مصادر غير موثوقة.

وعلى الرغم من أن الشركة المطورة للبرنامج قالت إنه مُدرب لرفض الأسئلة الضارة، إلا أن الواقع يقول «التقنية ليست مستقرة بعد ومن المحتمل أن يوجد فيها ثغرات».

بعض الخبراء يقولون إن تطبيقات مثل Chat GPT قد تستولى على العديد من الوظائف التي يقوم بها البشر وذلك خلال عدة سنوات من الآن، وخاصة بعد استخدام تقنية التعلم المُعزز، وهو ما قد يؤدى إلى فقدان وظائف عديدة للكثيرين من المحترفين في مجالات مختلفة.

حظر فرنسي

فرنسا واجهت «تشات جي بي تي» طبقًا لما نشره موقع The HuffPost في تقرير تم إعداده بالتعاون مع وكالة فرانس برس، حيث قام معهد الدراسات السياسية في باريس المعروف باسم سيانس بو، بمنع طلابه من استخدام روبوت الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي القادر على كتابة نصوص بناءً على أسئلة بسيطة، وفي رسالة موجهة إلى جميع الطلاب والمعلمين، أكدت إدارة المعهد أن استخدام تشات جي بي تي أو أي أداة أخرى تقوم على الذكاء الاصطناعي في سيانس بو، من دون الإشارة إلى ذلك صراحة، ممنوع منعًا باتًّا على الطلاب أثناء إنتاج أعمال كتابية أو شفوية.

عموماً.. العقل البشرى مُهدد بالتوقف عن العمل، وملايين الوظائف مهددة بالضياع من أصحابها، والتطور التكنولوجي رهيب، ولكنه لم يعد تطورًا إيجابياً، بل أصبح تطورًا قد يقضى عل مئات السنين من العلم والبحث والجهد الإنساني.

صحيح هذا ما نسميه التقدم العلمي.. ولكنه العلم الذي قد يقضى على العقل البشرى!!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى