قبل أن تحتفل بنجاح محمد صلاح لاعب منتخبنا الوطني لكرة القدم، ونجم نادي ليفربول الإنجليزي، الفائز ببطولة أبطال أوروبا، وقبل أن تناقش حجم نجاحاته المتكررة، يجب أن تتذكر ما تسمعه كل يوم عن كفاحه من أجل الوصول إلى القمة، وتسرد لأولادك حكاية الولد الصغير الذي كان يأتي كل يوم مستقلًا قطار الأقاليم قادمًا من قرية نجريج بالغربية، لكي يتدرب في نادي المقاولون العرب، حتى أصبح أحد نجومه في سن صغيرة.. الفتى الذي سار في طريق البحث عن نجاحه العالمي من خلال الحلم اليومي الذي كان يسترجعه ويتذكره، ليعرف أن له هدفا يجب أن يتحقق مهما كانت صعوبة الظروف.
الفتى الصغير أصبح نجمًا كبيرًا، ونموذجًا قويًا يتحمل مسئولية بلاده، في مجال عمله، فالكل يسأل عنه باعتباره فريقا كاملا، والجميع أصبحوا يشجعون «ليفربول»، لأن ولدنا محمد صلاح يلعب له.
محمد صلاح لاعب منتخبنا الوطني لكرة القدم لم يعد مجرد لاعب كرة قدم، لقد أصبح ملهمًا لملايين البشر في مصر وخارجها، ولم يعد مصدر الإلهام للاعبي كرة القدم فحسب، بل أصبح دليلًا لمن يريد أن يتجاوز الصعوبات، ويصعد إلى القمة، لا أحد ينسى لحظة سقوطه متأثرًا وحزينًا عقب هدف الكونغو في مرمى منتخب مصر في تصفيات كأس العالم منذ ما يقرب من عامين؟! ستقول: كانوا يقولون إنه تأثر بالهدف السلبي، والدنيا اسودت في عينيه، لأنه رأى أمامه ضياع حلم وصول بلاده لكأس العالم بعد غياب 28عامًا، قبل انتهاء المباراة بخمس دقائق.
يجب أن تعرف أن سقوط نموذج محمد صلاح صعب، وضياع حلمه أصعب، فقد أعطانا درسًا تاريخيًا شاهده الملايين مجانًا على شاشات التليفزيون، وهذا الدرس عنوانه لا تيأس لأن الحياة لا يمكن أن تتوقف عند سقوطك مرة، بل لا يمكن أن تنتهي لأنك سقطت عدة مرات، عليك أن تتأكد أن الأمل مستمر، سواء كنت لاعب كرة أو طالب علم أو طبيبا أو مهندسا أو موظفا أو سائقا أو صنا يعيا أو فلاحا، عليك أن تدرس موقع قدمك، وترى المجتمع الذي يحيط بك، وتثق بإمكانياتك إن كنت موهوبًا في مجالك، وتطور نفسك بالتدريب والعلم، ثم تحدد هدفك وتسير في طريقك، متأكدًا من توفيق رب العالمين.
يقول الكاتب الأمريكي ديل كارينجى في كتابه «كيف تحقق هدفك وتصل إلى ما تريد» إن أولى خطوات النجاح أن تعرف ما الذي تريده، وقال لنا حكاية تستحق القراءة، والحكاية تقول: إن نائب رئيس الحركة بشركة السكك الحديدية السريعة، تحدث عن مقابلته لمهندس شاب لامع بشأن إجراء الاختبار الشخصي بمناسبة طلب الشاب للتعيين في وظيفة بالشركة، وكانت هناك أزمة في المهندسين في ذلك الوقت، ما جعل المدير يعتقد انه وجد شيئًا ثمينًا، والغريب أن هذا الشاب مر بجميع إجراءات الاختبار ووصل إلى الدور النهائي وهو الاختبار الشخصي، وسأله المدير لماذا اخترت العمل بشركة السكك الحديدية السريعة؟ وجاء الجواب الصاعق: لأنني أعجبت بنظام المعاشات لديكم.
لا شك أن الرجل هنا حدد هدفه في المستقبل، ورغم أنه شرط مهم للنجاح بالنسبة له إلا أنه لم يكن مناسبًا للشركة التي تريد موظفين مبدعين وليس موظفين يغرقون في الروتين، ورغم كفاءة المهندس الكبيرة إلا أنه لم يفز بالوظيفة.
الأزمة.. أننا نحدد أهدافنا دون معرفة إمكانياتنا جيدًا، فقد تكون هذه الإمكانيات كبيرة ولا نراها، وبعدما نختار طريقًا خاطئًا نتحسر على الفشل الذي أصابنا دون أن ندرك أننا سرنا في الطريق الخاطئ.
محمد صلاح، صاحب صفقة المليار جنيه، وهى قيمته السوقية كلاعب كرة، كان يسافر يوميًا من بلده بسيون بالغربية، لكي يذهب لنادي المقاولين العرب ليتدرب، ويلعب، وكان مؤمنًا بموهبته ومقدرًا لها، فأصبح أسطورة تقرأ- أنت- عنها، وتستطيع، إذا آمنت بقدراتك مثله، أن تصبح أسطورة في مجال عملك.. فقط حاول تحقيق حلمك.. ولا تتمسك بالروتين.. الإبداع لا يعرف الوظيفة!
tarektohamy@alwafd.org