صفوت سليم يكتُب: سد النهضة والخطوط الحمراء
باتت قضية سد النهضة، أمر عضال في نظر المفاوض الإثيوبي الذي يسعى إلى التسويف دائما، منذ عشر سنوات. والأطراف الثلاث جمعتهم موائد التفاوض في كل بقاع العالم، المنوطة بسير الولادة المتعسرة.
رغم توافر المعدات لكن، المريض الإثيوبي لايود أن يلد إلا في مستشفى خاص بالخائنين والقبيضة. مقابل الضغط على الدولة المصرية، وجرها نحو عطش داهم حتى يلفظون أبنائها أنفساهم ويشيعون إلى مثواهم الأخير. معلوم أعداء الدولة كثُر والمتربيصن بنا يلهثون في الفضائيات على أي خبر يثلج صدورهم بالفشل السحيق ووضع مصر أمام أمر واقع. ولكن الرئيس يعلم متى وأين يكون الحديث، ومن القناة شريان العالم، يعلن أن المياه بالنسبة لنا خط أحمر، حتى يعلم المفاوض الإثيوبي ومن يقف خلفه بأن ليس هناك من بعيد عن قدرات مصر.
خط سرت الجفرة، ينادي عليك يا آبي أحمد يبلغك السلام، أنظر وتعلم كيف تكون الإرادة؟ كيف تكون قوة الردع الاستراتيجة على كافة المحاور؟.
فيحنما حدد الرئيس السيسي سرت الجفرة خط أحمر دخلت الجرذان الجحور ونادت بخطاب المظلومية في جميع وسائل العالم، بغية أن تفك الحصار التي وضعتها مصر فيه، وقبل سرت والجفرة هناك دلالات عديدة تكشف أن صمود المفاوض المصري، منذ عشر سنوات ليس ضعفًا، ولكن ما حدث استجلاء للموقف حتى لا تلوم أي جهة التحركات المصرية التي تحفظ حقوقها المائية وفق لاتفاقية 1902، تذكر جيدًا أننا كما قال شيخ المجاهدين «نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت».
وجاءت تصريحات الرئيس من قناة السويس لتثلج جميع صدور أبناء الوطن، وتطمنهم أن قضية السد في أيد أمينة لن تسمح بالتفريط في الحقوق المائية لمصر والسودان الشقيق، وعلى الجانب الإثيوبي أن ينصت لرسائل الرئيس ويحللها بشكل جيد حتى لا يقع في المحظور. فمصر العالم يعرف عنها السلام ولا تمد يدها إلا بالخير للدول، خاصة القارة الإفريقية.
وفي واقع أوجاع الأزمة هل تصور آبي أحمد أن صمت الرئيس والحديث بشكل دبلوماسي يليق بحجم مصر هو موقف ضعف. هنا عليه بالاستفاقة حتى لا يفيق على كابوس يهدد المنطقة كلها ويجعلها متشظية. وأتذكر حديث الرئيس في 2019 عندما قال: «أنا إنسان مسالم جدا مش معنى مسالم إن أنا مش مقاتل. ولكن أنا مقاتل عندما يفرض عليا القتال بأشرس مما تتصورون». عليكم بالرجوع إلى التاريخ.
الواقع أن الخط الأحمر عندما وضع في ليبيا للميليشيات المدعومة من تركيا وقطر، أدى ما عليه وأتي بثماره، ومؤكد أن حديث الرئيس مرة أخرى وذكره لتك الخط، تزامنا مع أزمة سد النهضة، سيكون لها مفعول جبار خلال الأيام المقبلة، وسنشهد حالة من التراجع من الجانب الإثيوبي، ولكن كيفية التراجع عن الغطرسة هي المعضلة الحقيقة التي يواجها آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، نظرًا لحالة الشحن التي قام بها تجاه مواطنيه، في الاستفادة من السد في توليد الكهرباء والزراعة لهم، وكلها وعود أفرغها آبي أحمد من مضمونها، ولا يوجد لها مستند دراسي على أرض الواقع.
الخط الأحمر أوجع الإثيوبيين وجعلهم يصيحون عبر المنصات بتصرحات تدل على الرعب والخوف عبر نشطائهم. للتهوين على أبناء الشعب الإثيوبي الذي يشعر بأن ما تحدث به المسؤولين ذهب في مهب الريح. ويصنف أضغاث أحلام.. فهل يستفيق آبي أحمد من الغيبوبة قبل فوات الآوان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا