سر قادتنا
«سر عظيم» تم العثور عليه بين الأقوال المأثورة، وفي الأديان، وفي الفلسفات على مر القرون. وقد استخدمه كبار العظماء والمخترعين والفلاسفة مثل أفلاطون واينشتاين وشكسبير ونيوتن وبتهوفن وابراهام لنيكولن وغيرهم.
هكذا بدأت الكاتبة رواندا بايرن كتابها المعنون بالسر، الذي تكشف فيه، كيف يمكنك استخدام السر لتغير حياتك في كل جوانبها المهنية والمالية والصحة والسعادة، والذي تكشف فيه أن «السر» هو في واقع الأمر سر الحياة الأعظم، الذي يتمثل في قانون الجذب، فقانون الجذب ينص على أن الشبيه ينجذب لشبيه وحين تفكر في فكرة فإنك تجذب أصحاب الأفكار المشابهة لك.
للأفكار قوة مغناطيسية كما أن لها قوة تردد وعندما تفكر يتم إرسال تلك الأفكار إلى الكون كافة فتجذب إليك مغناطيسياً كل الأفكار المشابهة التي على التردد نفسه.
إنك مثل برج للبث، ولكن برج بشري، تبث بأفكارك، فإذا أردت أن تغير أي شيء في حياتك فلتغير التردد بتغير أفكارك. وأخيراً فإن أفكارك الحالية تشكل حياتك المستقبلية، فما تركز عليه غالباً أو تفكر فيه سوف يظهر في حياتك، أفكارك تصير حقائق واقعة، وهذا هو ملخص الكتاب.
قرأت الكتاب بتمعن وعلى الرغم من أنني قد لا اتفق مع كل ما جاء فيه إلا أني أتفق على أن كل العظماء الذين عرفناهم على مر التاريخ استخدموا قانون الجذب للترويج لفكرهم وفلسفتهم ومشاريعهم الحضارية، التي غيرت وجه الكون.
فمثلا كبار الساسة الناجحين من أمثال جورج واشنطن، وغاندي، وجمال عبد الناصر، والشيخ زايد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، استطاعوا بأفكارهم أن يخلقوا قاعدة جماهيرية وشعبية تنجذب لهم، وتشاركهم طموحهم وأفكارهم التي غيرت العالم.
لقد حمل كل هؤلاء طاقة إيجابية هائلة استطاعت أن تمدهم بالقوة والصبر والقدرة على الاستمرارية، وتكملة مشروعهم الحضاري الذي بدأوه، فليس من السهل أن يحمل الشخص مشروعاً حضارياً يحدث تغيراً جذرياً متوقعاً من دون أن يواجه صعوبات وتحديات ومعارضة من قبل أصحاب الأفكار التقليدية والمغايرة.
هؤلاء جميعاً واجهوا تحديات جمة وصعوبات، ولكنهم بإيمانهم ونظرتهم الإيجابية وإرادتهم الصلبة حققوا المستحيل وفتحوا للآخرين بوابات من النجاح والأمل والتفاؤل بمستقبل مختلف.
ولو نظرنا إلى دولة الإمارات كنموذجاً لرأينا كيف استخدم الشيخ زايد سياسة الجذب لتغير واقعنا وواقع المجتمعات العربية من حولنا، حين التقت أفكاره بأفكار أخيه الشيخ راشد، واستطاعت رؤية الطرفين أن تثمر عن ولادة أنموذج سياسي ناجح في المنطقة العربية.
لقد وضع الآباء المؤسسون نصب أعينهم أن سر نجاح مشروعهم الحضاري يكمن في مواءمته مع متطلبات المجتمع، الذي يعيشون فيه ورضا الناس عن ذلك المشروع، وانجذابهم له ليس فقط لكونه يحقق لهم الوحدة والتكامل السياسي، ولكنه يحقق لهم السعادة الاجتماعية والنفسية.
وعلى الرغم من عدم وجود مشروع مماثل في المنطقة إلا أنهما استطاعا أن يجذبا الناس إلى فكرهما الوحدوي، وأن يصبح مشروعهما الحضاري من أنجح مشاريع الوحدة العربية.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو نموذج آخر للقادة الذين استخدموا هذا السر في مشروعهم الحضاري، فقد وضع محمد بن راشد نصب عينيه المستقبل وجعل سلاحه الثقة بإنسان هذه المنطقة والإيمان الصادق بتحقيق التغير المطلوب والمناسب لطبيعة هذه المنطقة رغم التحديات والصعوبات التي قد تواجهنا.
لقد حول الكثير من الأحلام إلى واقع، واستفاد من تجارب الآخرين، ليبدأ بداية صحيحة، وعرف أنه لا شيء يمكنه أن يصبح جزءاً من التجربة ما لم تستدعه عبر الأفكار الملحة، وتجذب له أصحاب الأفكار المشابهة.
وهكذا خلقت أفكاره جواً من التفاؤل بمستقبل أفضل للمنطقة، وللأجيال القادمة وخرجت أفكاره من النطاق المحلي إلى النطاق العالمي لتشيع الطاقة الإيجابية والسعادة أينما رحلت حاملة معها العطاء والأمل والنور للشعوب الأخرى.
وعلى الرغم من ظهور منعطفات ومحطات قد توقف العربة عن مسارها الصحيح إلا أن العزيمة والإصرار والنظر إلى تلك التحديات على أنها ضريبة للنجاح، كان يعيد العربة دوماً إلى مسارها الصحيح، ويجعلها قادرة على إكمال المشوار الذي بدأته بنجاح باهر لفت لها الأنظار.
إن سر قادتنا يكمن في أنهم أصبحوا نماذج مضيئة في تاريخ القادة العظام، الذين غيرت أفكارهم وجه البشرية وألهمت الشعوب الأخرى طاقة إيجابية وجعلتهم يأملون في الوصول إلى ما وصلنا له، فجمال المستقبل الذي ينتظرنا وتلك الطاقة الإيجابية التي أصبحنا جميعاً نحملها هي التي تساعدنا اليوم على تكملة المشوار الذي بدأناه قبل نصف قرن تقريباً.