
سامي أبو العز يكتب: ومازالت معركة «الحزام» مستمرة
شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك.. لابد عن يوم برضه ويعدلها سيدك
إن كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك.. أهون عليك يا حر من مدت ايدك
هذه الأبيات المعبرة من كلمات بديع خيري وألحان سيد درويش، والتي جاءت في مطلع قصيدة بعنوان شد الحزام، ارتبطت ارتباطا وثيقا بأحوال المصريين في النصف الثاني من القرن الماضي ولازالت تعبر عن آلامهم ومعاناتهم من شد الحزام ليرتبط بأجيال كاملة دون حد لنهاية هذه المعاناة.
واستمرت هذه المعاناة المتجددة مع تلك المقولة التي باتت ملازمة لرؤساء مصر منذ جمال عبد الناصر حتى الآن، بل إنها ضربت بجذورها حتى الزعيم سعد زغلول، وأصبحت متلازمة من أفواه الرؤساء إلى رؤساء الحكومات ومنهم للوزراء حتى وصلت المنازل لأولياء الأمور.
«شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك» نادى بها 5 رؤساء، أعلنوا جميعا في بدية حكمهم «أن الأمور مش ولابد» وأنهم استلموا البلاد «خرابة» وأن التركة الثقيلة لا سبيل لمواجهتها إلا بالصبر والمزيد من تحمل المكاره وشد الحزام والصوم في غير رمضان.
عرف المصريون شد الحزام منذ أكثر من مائة عام، حيث كانت البداية مع ما يسمى بالاقتصاد في الاستهلاك والتقشف المؤقت خلال ثورة عام 1919 ضد المحتل الإنجليزي.
وكانت معاناة الشعب كبيرة، لمواجهة تعنت المحتل، فكان لزاما عليه أن يتحمل الضغوط ويضحي ببعض الترف ويتحمل عقوبات وتعسف الإنجليز حتى تنجح الثورة وتصل قضيته للعالم.
بعد ثورة 23 يوليو 1952، كانت مصر في مرحلة انتقالية بعد الملكية، وشدد الرئيس جمال عبد الناصر على اتباع سياسة التقشف للخروج من الأزمة. وفي أحد خطاباته رد «ناصر» على مراوغة أمريكا له بقطع المعونة، بأن الشعب المصري على استعداد ألا يشرب «كوباية الشاي» من أجل توفير ثمن المعونة.
وفور تولي الرئيس أنور السادات حكم البلاد قال: «شدوا الحزام، فإن خزائن مصر خاوية بسبب النكسة، وعلينا إعادة بناء الجيش».
وكانت فترة معركة العزة والكرامة خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، هي الفترة الأعظم في تاريخ مصر الحديث، حيث تحمل المصريون ظروفا اقتصادية مرعبة كللها الله بالنصر
وأطلق الرئيس حسنى مبارك عقب توليه المسئولية عدة تحذيرات أهمها «شدوا الحزام لأن سياسة الانفتاح التي اتبعها السادات، أضرت بالاقتصاد».
وبعد تولى الرئيس محمد مرسى الحكم، وجهت مصر هزات اقتصادية عنيفة وتوالت التحذيرات المدوية بأنه لا بديل عن سياسة التقشف حيث كانت الدولة على حافة الانهيار.
وتولى الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام المسئولية في فترة عصيبة وظروف محلية بالغة السوء وأزمات عالمية متوالية وطلب من الشعب المساندة والتحمل والصبر، ومازال الحزام مشدودًا.
«شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك.. لابد عن يوم برضه ويعدلها سيدك» جسدت معاناة الشعب المصري وعبرت عن واقع حقيقي للمصريين خلال ثورة 1919، ولازالت رغم مرور عشرات السنوات عليها تجسد بطولة شعب في مواجهة معارك اقتصادية مرعبة امتدت لأكثر من قرن من الزمان.
فقد الصبر قوته ولازالت عزيمة المصريين تزداد إصرار على المواجهة فهل تنجح البطون الخاوية والظهور المثقلة بالأعباء والمحن في الانتصار على شروط صندوق النقد، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المندفعة بقوة الصاروخ للهاوية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية