سامي أبو العز يكتب: قصة حياة
لكل منا بداية، ولكل بداية نهاية، وبين البداية والنهاية نجاحات وإخفاقات بعضها يدعو للفخر والآخر يدعوا للخزي، ولأننا مسيرون فيما يخص خط العمر فلا أحد فينا يكتب بدايته ولا يتوقع نهايته أو يحددها حتى لو حاول رسمها بنفسه، لأنه في النهاية لن يحقق إلا ما كتبه الله له.
بين لحظات الميلاد وتاريخ الوفاة مشاهد مختلطة بين الفرح والحزن..أما المشهد الأول فيجسد وصول الإنسان للدنيا طفلاً باكياً خائفاً مذعورا وأهله من حوله ضاحكون مسرورون بالزائر الجديد، والمشهد الثاني كذلك مشهداً إجبارياً مكتوب علينا جميعاً أن نعيشه رغم قسوته ومراراته لدى الكثيرون، لكن هذه المرة بين لوعة مفارق وعذاب أهل وأحبة يقفون عاجزون أمام روح تصعد لبارئها مرددون إنا لله وإنا إليه راجعون.
وبين المشهدين عمر طال أو قصر إلا أنه يمثل حياة لصاحبه..حكايات وأسرار داخل البئر أو خارجه، وتبقى الحقيقة التي لا مفر منها «كل نفس بما كسبت رهينة».
وإذا كان لمثل هذا فليعمل العاملون، وهذا هو بيت القصيد، والمبتغى من وراء هذه الكلمات، فلتكن البداية من يتحمل مسئولية من؟وإلى متى يتحمل الوالدان العبء؟ ومتى يرفع عن كاهلهما ليتحمله الشخص نفسه محاسباً عليه؟
يا سادة..المرء يحاسب ويسأل عن نفسه، ومن يعول، فلا تغرنكم الحياة الدنيا بهمومها ومشاغلها وأعباءها عن يوم الوعيد..أبناؤكم أمانة في أعناقكم، إن حفظتموها دينياً وأخلاقيا فقد أعطيتم الأمانة حقها ولا يضيع الله أجركم، وإن أهملتموها وتركتموها بلا عناية ولا رقابة فهو دين في أعناقكم يوم الدين تحاسبون عليه وتدفعون الفاتورة.
التربية والتعليم والغرس الطيب والنبت الصالح في رقاب الآباء لا مفر منها ولا هروب عنه..أما الشخص نفسه فبعد بلوغه سن التكليف، انتقل إلى كاهليه الميزان، وبات محاسباً ومسؤولاً.
ولأن العمر لحظة وطريق الحياة قصير مهما طال، فإن النهاية لا مفر منها، والخلود لم يكتب للبشر ولا حتى للملائكة..لذا فإننا مطالبون أن نعيد النظر في فلسفة الدنيا قبل أن يسدل الستار دون إنذار، فمسرحية الحياة نهايتها لا تحكمها قصة وإنما يحكمها الأجل.
يا سادة عيشوا في طاعة الله وأنعموا بحياتكم وأعلموا أن الإنسان لا يعيش إلا مرة واحدة، يختفي بعدها ويبقى ذكره وسيرته التي رسمها بنفسه، وينتقل معه حصاد الرحلة ليبقى رفيقه إلى ما شاء الله، فأحسنوا الزاد ودققوا في المتاع وأبنوا لأنفسكم وذويكم قصوراً في الجنة والحياة الأبدية بدلاً من زيف وكذب وخداع الحياة الفانية.
نبضة قلب: يابن آدم أنت الذي ولدتك أمك باكياً والناس من حولك يضحكون سرورا، فاعمل لنفسك ان تكون اذا بكوا في يوم موتك ضاحكا مسرورا.