نون والقلم

سامي أبو العز يكتب: عفواً رصيدكم أوشك على النفاذ

أما بعد.. تمر الأيام، وتدور عجلة الزمان، وتلف بنا السنون، وقد شخنا وكبرنا وهرمنا، لكننا لا ندرك ذلك.. كل منا يرى العالم من حوله يهرم ويشيخ إلا نفسه، وكأن عجلة الزمان تدور على الكل وتتوقف فقط عندنا.. لكن الحقيقة أن قوانين الحياة تطبق على الجميع بلا استثناء وفقا للقواعد السماوية.. لكنها الغفلة التي تسرق أجمل سنوات العمر، والمفاجأة دائما تكون على طريقة كروت شحن الهاتف «نأسف رصيد عمرك انتهى» مع فارق أنه لا فرصة جديدة لإضافة رصيد مرة آخري.

يا سادة.. تنبهوا وتيقظوا وأفيقوا من غفلتكم، خط العمر متناقص كل يوم عن سابقة، الأيام والدقائق محسوبة بدقة متناهية،وإذا كنا نحمد الله في كل يوما على أنه كتب لنا عمر جديد، فسيأتي يوم نتمنى أن يمد الله لنا العمر ساعة، لنقضيها في طاعة!!.

دائما نشعر بالأحبة بعد فقدانهم، ونبكي عليهم بدلاً من الدموع دماً وحزناً وقهراً، فلماذا لا نصلح ذات بيننا ونتوقف جميعاً عن الركوض خلف تلك الدار الفانية أملا في الدار الباقية؟، الأمر بسيط ولا يحتاج منا إلا العودة إلى الله.. إنه اللجوء الوحيد الغير مشروط.. نعم في حياتنا الفانية النفوس المتخاصمة تعود لرشدها بشروط وأحكام، أما العودة إلى الله فإنها بلا شروط، وفقا لما رواه النبي صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل  قال: « إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة» رواه البخاري، وإذا قلت يا رب، قال لبيك عبدي.

والدخول في رحاب الله مفروش بالورود والطاعة والغفران، وجنة عرضها السموات والأرض.. ويبقي إصلاح ذات البين والعودة في العلاقات الدنيوية التي تحكمنا إلى كتاب الله وصحيح السنة وأن يزيل الله الغمة من فوق أعيننا حتى لا نبقى معصوبي العينين، ومسلوبي الإرادة تحركنا أهوائنا خلف دنيا بالية لا تسوي عند الله جناح بعوضة.

هذه ليست موعظة الجمعة، ولا إفاقة من بعد غفلة، ولكنها حقيقة يجب أن يدركها الجميع.. كلنا مفارق ولو دامت لغيرنا ما وصلت إلينا، لذا فإننا جميعا مطالبون أن نتوقف كلا مع نفسه في إعادة لترتيب حساباتنا من جديد.. نعم كل نفس بما كسبت رهينة، إنها دعوة من القلب لكل من وقعت عيناه على هذه الكلمات، أهزم الدنيا بطاعة الله قبل أن تهزمك بكثرة المعاصي والذنوب.. اغتنم هذه الأيام المباركة ما دمت حيا وضع بنفيك نقطة وأبدأ من أول السطر ولكن هذه المرة ضع أقدامك على طريق الله وانفض عن كاهلك سوءات الدنيا ونقي ثوبك الأبيض من الدنس، «إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» لقمان الآية 34 .

نبضة قلب: الدنيا ساعة فأجعلها طاعة.. والنفس طماعة عودها بقناعة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى