سامي أبو العز يكتب: ضعف عربي وجبروت إسرائيلي محصلة 2024
يمرّ عام 2024 بعد ساعات، تاركًا خلفه بصمات تاريخية تعكس أوجه الصراع الإقليمي والدولي، حيث أثبتت الأحداث مرة أخرى جبروت إسرائيل في ترسيخ نفوذها في المنطقة، مقابل ضعف عربي متزايد يعكس حالة التراجع في المواقف والقدرة على التأثير.
شهد هذا العام استمرار إسرائيل في تعزيز سياساتها الاستيطانية بالضفة الغربية، دون أدنى اعتبار للانتقادات الدولية أو الضغوط الدبلوماسية.
لم تكتفِ إسرائيل بتجاهل القرارات الأممية، بل فرضت أمرًا واقعًا جديدًا يُظهر مدى قدرتها على اللعب في الساحات السياسية والعسكرية.
وعلى الجانب العسكري، صعّدت إسرائيل من عملياتها في سوريا ولبنان، مستهدفة مواقع استراتيجية تابعة لحزب الله وفصائل تدعمها إيران.
كثّفت تل أبيب غاراتها الجوية على الأراضي السورية، ووسعت رقعة الأراضي المحتلة، بدعوى ضرب الوجود الإيراني وشحنات الأسلحة الموجهة إلى لبنان.
وفي لبنان، لم تتردد إسرائيل في تنفيذ استفزازات حدودية وقصف مناطق قريبة من الجنوب، مما زاد من حدة التوترات في المنطقة.
إلى جانب سوريا ولبنان، برزت اليمن كنقطة ضعف عربية أخرى تُظهر مدى الانقسام في الصف العربي. في الوقت الذي استمرت فيه الحرب الأهلية الطاحنة، تضاعفت معاناة الشعب اليمني بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار المجاعة.
وعلى الرغم من الجهود الدولية لوقف النزاع، بقي الدور العربي متأرجحًا بين التدخلات غير المثمرة والانشغال بالصراعات الداخلية للدول الكبرى في المنطقة.
استفادت قوى إقليمية ودولية من هذا الضعف لترسيخ نفوذها في اليمن، في حين وقف العالم العربي متفرجًا على كارثة تهدد بتفكيك النسيج اليمني بالكامل.
من جهة أخرى، وقفت الأنظمة العربية عاجزة عن تقديم أي رؤية موحدة أو رد فعل قوي تجاه السياسات الإسرائيلية أو الأزمات الإقليمية الأخرى، بما فيها الوضع في اليمن.
شهدنا انقسامات بين الدول العربية نفسها، وانشغال كل دولة بمشكلاتها الداخلية، بدءًا من الأزمات الاقتصادية وصولًا إلى الصراعات السياسية والأمنية.
الطرف الأكثر تضررًا هو الشعوب العربية، من الفلسطينيين المحاصرين، إلى اللبنانيين والسوريين الذين يواجهون القصف والدمار، وصولًا إلى اليمنيين الذين يعانون من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
باختصار.. رغم قتامة المشهد، يظل السؤال مفتوحًا: هل يمكن أن يشهد العالم العربي نهضة سياسية ودبلوماسية تعيد التوازن المفقود؟ هل سنرى قيادات قادرة على كسر حاجز الخوف وتحقيق رؤية موحدة تضع حدًا للجبروت الإسرائيلي وتنهي معاناة الشعوب العربية؟
وداعًا عام 2024، عام الجبروت الإسرائيلي والضعف العربي. نأمل أن يكون العام المقبل بداية جديدة تحمل في طياتها خطوات عملية نحو استعادة الكرامة العربية وتحقيق العدالة للشعوب المتضررة.