نون والقلم

سامي أبو العز يكتب: سيدتي ..عيدك في الجنة

إلى روحي التي غابت للأبد، وشمسي التي انطفأت،وقلبي الذي توقف عن النبض،وقمري الذي أخفق فأظلم دنيتي..عيدك من غيرك بلا طعم، بستان بلا زهور ووجوه عابسة.

إلى أمي التي غابت في مثل هذا الشهر من العام الماضي وقبل أيام من عيد الأم..رحلتِ وأغلقتِ في وجهي أبواب الدنيا من خلفك..جف الحلقوم ووقف نبض العروق وتجمدت الدماء في الشرايين..في غيابك يا محبوبتي فقدت نعمة التذوق لكل شيء ..لكن عزائي الوحيد سيدتي أن عيدك في الجنة.

كل عام في مثل هذا الوقت كنت أتسابق يا أم «سمسم» كما تعودت أن أناديكِ طوال عمري بهذا الاسم، لأختار لكِ هدية تناسبك وأسارع الزمن لأسبق أشقائي في إسعادك..كم كنت أتلهف لتلك الابتسامة على شفتيكِ وبريق عينيكِ وحضنك الدافئ وأنا أُقبل يديكِ وترن في أذني كلماتك الرنانة « تعبت نفسك يا سمسم ..رؤيتك بالدنيا».

عام كامل يفصلني عنك أمي..لكن عندي مخزون من الذكريات يكفيني ما تبقى من سنوات عمري..إني لا أرثيكِ ولكني أناجيكِ، فما تعودت على كل هذا الغياب عنكِ، فما زلت أترقب رنين الهاتف يحمل صورتك التي مازالت على شاشة هاتفي لأحدثك وأتلقى عتابك الرقيق: لماذا لم أحدثك منذ يوم  أو يومين، ولهفتك عليّ إذا وصل إلى مسامعك صوتي متغيراً أو تأخرت في الرد..ما أجملك وأفضلك يا أمي في قلبي على نساء العالمين، ولو كان بيدي لفديتك بروحي..ولكن سيدتي عزائي أن عيدك في الجنة.

قبلوا أقدام أمهاتكم أفنوا أعماركم في خدمتهن، لا تبعدكم الدنيا عنهن..الأم لا تتكرر؛ فالجنة تحت أقدامها والدنيا ببركتها والجنة برضاها . ودعاؤها إلى السماء مباشرة دون وسيط، وببركتها يحجب الله عنكم الشرور ويطرح البركة في نفوسكم وفي ذريتكم. قبل فوات الأوان.. هرولوا إلى سيداتكم،انتهزوا الفرصة واطلبوا منهن الصفح والغفران، ارفعوهن فوق رؤوسكم تاجاً يرفعنكم بجوار عرش الرحمن رضا وغفراناً.

أمي.. مازلت أذكر آخر كلماتك وآخر مرة سمعت فيها صوتك على فراش المرض الذي حرمني منكِ، إنها كلماتك الرنانة وروحك تتعلق بأبواب السماء وترجو رضا بارئ الأرض وخالق السماء بكلمة التوحيد«لا إله إلا الله محمد رسول الله» مازالت في أذني ولم ولن تفارقني..إلى جنة الخلد«أم سمسم» أبداً لن أنساكِ، وعزائي سيدتي أن عيدك في الجنة.

نبضة: اللهم أمطر على قبور موتانا الرحمة والغفران، اللهم برد قبر كل عزيز رحل عنا، ونور مرقدهم وطيّب مضجعهم وآنس وحشتهم،  واجعل اللهم قبورهم روضة من رياض الجنة .

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى