صرخات أهالينا في سوهاج وصلت عنان السماء رعبًا وخوفًا من القاتل المفترس «كورونا» ذاك الفيروس اللعين الذي عاد مكشرًا عن أنيابه معلنًا انطلاق الموجة الثالثة من قلب المحافظة المترامية الأطراف البالغ عدد سكانها 8 مليون نسمة.
الأهالي يطالبون بمستشفيات عزل ميدانية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين خاصة أن المستشفيات الحالية كاملة العدد، الأمر الذي ينذر بتفاقم الكارثة التي لا ترحم كبيرا ولا صغيرا، كما أن طبيعة العواصم الريفية والمراكز والقرى التابعة لها متلاصقة المباني والإجراءات الاحترازية في أغلبها قد تكون منعدمة.
السؤال لماذا سوهاج؟.. والإجابة ببساطة جاءت على لسان الدكتور خليفة رضوان عضو مجلس الصحة بـ مجلس النواب، أنها تعود لعدم تجهيز المستشفيات بأجهزة التنفس الصناعي وشبكات الأوكسجين، كما أن هناك مستشفيات خارج الخدمة منذ 8 سنوات مثل مستشفى جرجا العام والتي كان مقررا تسليمها منذ 5 سنوات وغيرها مثل مستشفيات جهينة ودار السلام وطما وساقلته.
أزمة كورونا في سوهاج تفاقمت بصورة جعلت البعض يصفها بـ «ووهان الصعيد» ودفعت الأطباء والأهالي إلى المطالبة بـ حظر تجوال وإجراءات استثنائية لوقف الانتشار الوبائي لكوفيد -19، كما دشنت عدة مبادرات أهلية لتوفير أنابيب الأوكسجين والأدوية للمصابين.. وزادة حدة الكارثة بعد تزايد الإصابات يوميا وارتفاع نسبة الوفيات. كما ودعت المحافظة مؤخرا 6 أطباء في أسبوع واحد متأثرين بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد. الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل مجددا أين لجان العدوى بالمحافظة وأساتذة الأوبئة مما يحدث؟ وأين الحزم في تطبيق الإجراءات الاحترازية؟
ما يحدث في سوهاج يحتاج استنفارًا حكوميًا كبيرًا للسيطرة على الجائحة قبل انتقالها للمحافظات الملاصقة بسرعة النيران بالهشيم.. المكاشفة والشفافية في إعلان الحقائق ومدى خطورة الوضع أفضل ألف مرة من عواقب الصمت الوخيمة.
تبقى كلمة.. أين الإجراءات الاحترازية على مستوى الجمهورية؟ ولماذا تم التراخي في تنفيذها حتى أصبح الغالبية يتعاملون مع الأمر على أنه فعل ماضٍ؟ نظرة واحدة لوسائل المواصلات في القطارات والمترو والميكرو باصات بالإضافة إلى المصالح الحكومية وغيرها يكشف حجم الكارثة.
وأين اختفت لجان «الكمامة» والغرامات الفورية والرقابة على المقاهي والمحلات والتجمعات؟ وأين ذهبت البرامج التوعوية وحملات التطهير والتعقيم؟
مشكلتنا الأبدية أننا دائما نتحرك كرد فعل دون الاعتماد على خطط لمنع حدوث الفعل من أساسه، لذا فإننا مطالبون بإعلان الطوارئ الفردية والأسرية والجماعية في منازلنا وأماكن عملنا كجزء من خطة كبرى تقوم بها الدولة لمواجهة طاعون العصر، فالوباء إما حاصدا أو محصورا.