- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: حزب ترامب ونتنياهو الشيطاني

في عالم يتغير بوتيرة سريعة، شكّل التحالف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نموذجًا لتحالفات قائمة على المصالح الأيديولوجية والمكاسب السياسية الضيقة، متجاوزًا بذلك القوانين الدولية والإنسانية.

هذا التحالف لم يكن مجرد شراكة سياسية، بل كان استراتيجية محكمة لإعادة صياغة موازين القوى وفقًا لمنطق القوة لا القانون، مما أدى إلى تصعيد الأزمات الإقليمية والدولية وترسيخ مبدأ «قانون الغاب».

ارتكز تحالف ترامب ونتنياهو على عدد من القضايا المحورية التي خدمت مصالح الطرفين، أبرزها دعم إسرائيل المطلق على حساب الحقوق الفلسطينية، وفرض أجندة يمينية متطرفة تجاه القضايا الدولية.

ومن بين أبرز القرارات التي تجسد هذا التحالف:

*  الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل: شكل إعلان ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في 2017 ضربة قوية للقانون الدولي، حيث خالف قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد أن القدس مدينة محتلة وأن وضعها يجب أن يُحدد عبر مفاوضات.

*  صفقة القرن: قدمت هذه الخطة التي صاغتها إدارة ترامب غطاءً دوليًا لإسرائيل لضم أراضٍ فلسطينية واسعة، مما قوض أي فرصة لحل الدولتين.

*  شرعنة الاستيطان: عبر تصريحات ومواقف رسمية، دعمت إدارة ترامب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، رغم أن هذه المستوطنات تعتبر غير شرعية وفقًا للقانون الدولي.

*  الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران: مثل هذا القرار تصعيدًا خطيرًا في الشرق الأوسط، حيث زاد من احتمالات المواجهة العسكرية وأدى إلى تأجيج التوترات مع إيران.

لقد مثلت سياسات ترامب ونتنياهو انتهاكًا صارخًا للعديد من القوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تحظر تغيير الوضع القانوني للأراضي المحتلة بالقوة، وقرارات مجلس الأمن التي تدين الاستيطان.

كما أن التعامل مع الفلسطينيين كطرف ضعيف لا يستحق حقوقه المشروعة يعكس انحدارًا في الالتزام بالمبادئ الإنسانية.

يؤدي هذا النهج إلى عالم تحكمه القوة بدلاً من القانون، حيث يصبح البقاء للأقوى وليس للأعدل.

إن دعم ترامب لسياسات نتنياهو العدوانية لم يكن مجرد سياسة أمريكية تقليدية، بل كان جزءًا من رؤية تهدف إلى إعادة صياغة النظام العالمي على أسس القوة والاستبداد، وهو ما انعكس في سياسات أخرى مثل دعم الأنظمة الاستبدادية، والتقليل من أهمية المؤسسات الدولية.

للحد من تداعيات هذا التحالف الخطير، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات ملموسة لاستعادة التوازن في العلاقات الدولية، ومنها:

*  تعزيز دور الأمم المتحدة: لا يمكن السماح بأن تكون المؤسسات الدولية مجرد أدوات شكلية، بل يجب منحها صلاحيات حقيقية لفرض القانون الدولي ومعاقبة الدول التي تنتهكه.

*  إعادة إحياء الاتفاقيات الدولية: يجب على القوى الكبرى العمل على إعادة التزامها بالاتفاقيات الدولية التي تم تهميشها خلال حكم ترامب، بما في ذلك الاتفاق النووي مع إيران واتفاقيات حقوق الإنسان.

*  دعم الأصوات المعتدلة في السياسة الأمريكية: يلعب الرأي العام الأمريكي دورًا رئيسيًا في تحديد السياسة الخارجية، ومن هنا تأتي أهمية دعم السياسيين والمفكرين الذين يؤمنون بالدبلوماسية والقانون الدولي.

*  فرض عقوبات على إسرائيل بسبب جرائمها: كما يتم فرض عقوبات على روسيا ودول أخرى لانتهاكها القانون الدولي، يجب أن تُعامل إسرائيل بنفس المبدأ عندما ترتكب جرائم حرب أو تخرق الاتفاقيات الدولية.

*  تعزيز دور الإعلام العالمي: يجب الاستمرار في فضح السياسات الإسرائيلية التعسفية ودور ترامب في تمكينها، حتى لا يتم تزييف الحقائق أو طمس الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين.

القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع سياسي، بل هي معركة وجودية بين الحق والباطل. لإنقاذ فلسطين، يجب اتخاذ خطوات على عدة مستويات:

*  إعادة بناء الوحدة الفلسطينية: الانقسامات الداخلية أضعفت الموقف الفلسطيني، ويجب أن يكون هناك جهد حقيقي لتوحيد الصف الفلسطيني تحت قيادة وطنية جامعة.

*  تصعيد المقاومة القانونية والدبلوماسية: يجب استغلال كل الوسائل القانونية المتاحة في المحاكم الدولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، مثل محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية.

*  مقاطعة إسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا: الضغط الاقتصادي من خلال حملات المقاطعة العالمية (BDS) أثبت فعاليته في التأثير على الشركات والدول التي تدعم الاحتلال.

*  تفعيل الدور العربي والإسلامي: من الضروري أن تستعيد الدول العربية والإسلامية زخمها في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ليس بالشعارات، بل بتحركات عملية على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

*  دعم الشعب الفلسطيني ماديًا ومعنويًا: من خلال مشاريع تنموية تحافظ على صمود الفلسطينيين في أرضهم، ودعم معنوي يعزز روح المقاومة والنضال.

باختصار.. لقد أسس تحالف ترامب ونتنياهو لنموذج جديد من العلاقات الدولية يعتمد على فرض الأمر الواقع بالقوة وتجاهل الحقوق المشروعة للشعوب. لكن التاريخ أثبت أن الاحتلال مهما طال زواله حتمي، وأن الشعوب التي تناضل من أجل حقوقها تنتصر في النهاية.

فلسطين ستبقى عنوانًا للنضال العالمي ضد الظلم، ولن ينجح أي تحالف، مهما بلغت قوته، في طمس حق شعبها في الحرية والاستقلال.

ويبقى السؤال هل يمكن إصلاح ما أفسده هذا التحالف، أم أن العالم قد دخل بالفعل في عصر تحكمه سياسة الغاب؟

samyalez@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى