اخترنا لكنون والقلم

سامي أبو العز يكتب: الناس جرالها ايه!!

المتتبع لحال الناس في وطننا العربي يجد عجباً وتبدلاً للأحوال غير محبب للنفس وغير إيجابي ولا يتفق مع التطور الطبيعي للعلاقات الإنسانية المفروض أنها مبنية على الدين والعقائد خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي يدعو للود والتواصل والتراحم.

الناس في بلادنا تحولوا إلى كائنات غريبة عجيبة بعدما اختفت الابتسامة من وجوههم وحفر في أعلى جباههم ماركة الحزن والغم والكرب العظيم العلامة 111 والتي يصعب استبدالها بمظاهر الفرحة والسعادة، والسبب ببساطة أنها لا تتحول إلى وشم في وجه صاحبها إلا بعد مروره بمآسي وكوارث لا تستقيم بعدها الأحوال وإن ملك الدنيا بيمينه.

قديماً كان يضرب المثل بالمواطن العربي أنه لا يحمل هما وزاهداً في الدنيا بمتاعها مستنداً في ذلك على رسائخ عقائدية أن الدنيا محطة والآخرة هي دار القرار، لذا فإننا لا نأخذ من الفانية إلا لقيمات يقمن أصلابنا، أما وقد تبدلت الأحوال واهتزت الصورة الواضحة المعالم وباتت باهتة مهزوزة فإن كل شيء معها تراقص وزلزلت المعايير ونسينا الله فأنسانا أنفسنا.

الحكاية ببساطة أن الناس تكالبوا على الدنيا وتعاملوا معها أنهم خالدون فكنزوا الذهب والفضة وامتلأت خزائنهم بالأموال بطرق مشروعة وغير مشروعة..المهم أن يعيشوا ولو على جثامين الآخرين دون رحمة أو هوادة فبدأ الصراع إلى الهاوية..وإذا كان هذا حال بعض الأغنياء فإن البعض الآخر من الفقراء دافع عن نفسه من أجل البقاء وأعتبرها قضية مصيرية فتخلى عن الصبر والحمد وتسلح بالطمع والاستحواذ مفعلاً نظرية «الهبش» مبرراً كل الأساليب التي يتخذها لتحقيق مآربه متناسياً هو الآخر كل القواعد الإيمانية والأخلاقية.

ما سبق جزء من المشكلة التي تسببت في كارثة الحياة المنعزلة ومدرسة «نفسي نفسي» التي يعيشها الكثيرون، لكننا لا ننسى أنه في دول تقطعت بها الأوصال وتحولت شوارعها لسكنات وسماؤها لمطارات للطائرات الحربية وأرضها حقول للألغام فإن أهلها وساكينها اعتبروا كل الأسلحة مباحة مع أعداء الداخل والخارج على اعتبار أن الأرض لاتسعنا سويا فإذا تمسك أحدنا بالأرض فالآخر لابد وأن يصعد للسماء.

أما الدول التي جنبها الله ويلات الحرب فإن أهلها ليسوا بمأمن من تغير الأحوال فضيق ذات اليد وشظف الحياة والموت جوعا أو مرضا أو قهراً قد حولهم إلى أشباح تمشي على الأرض تترقب الأسوأ في كل لحظة والنتيجة كآبة وحزن وخوف من المجهول خاصة أن الحياة ضاع رغدها فبات انتظار الأسوأ هو الأقرب لحالهم الذي بات «لا يسر عدوا ولا حبيب» وكلما على أنينهم أو فكروا في الصراخ خرجت لهم الفزاعة «أحمدوا ربنا ولا يبقى مصيركم مصير الجيران»!!

باختصار شدائد الدنيا ضاقت على الناس وبدلاً من أن تتآلف قلوبهم وقت الشدة اتسعت الفجوة وزاد الخلاف وتقاتل الجميع من أجل البقاء لكن الطيبون مازال طريق العودة أمام نفوسهم الخيرة مفتوح لأن الأصل في معدنهم ذهباً..أما الأرواح الشريرة والمتسلقة والمتلونين والذين يسكن الشيطان بداخلهم فإن روح الشر القابعة بين ضلوعهم انطلقت لتسعى في الأرض فساداً فإنهم في الحقيقة والشيطان نفساً واحدة تفوق في قوتها الطوفان.

نحن مطالبون بالعودة للجذور والأصول والعقائد المبنية على الشرائع السماوية السمحة لنعيد رسم حياتنا من جديد وعلاقتنا بالآخرين حتى تختفي هذه الكائنات الشيطانية المرعبة وتعود لحياتنا الملائكة نستظل تحت أجنحتها ويعم بلادنا الرخاء وتعود الابتسامة والقناعة والرضا إلى حياتنا..بدلاً من تلك الكائنات المشوهة المنزوعة الرحمة التي حولت بلادنا إلى أراض مشتعلة.

نبضة قلب: يختلف العالم ويتغير البشر وتتبدل الأحوال وتبقى عيناكِ أرض السلام.

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى