نون لايت

زعماء العرب يعترفون بخيبة الأمل في لَم الشَمل

تحليل يكتبه محمد خليفة

أخبار ذات صلة
توقّعت بمقال الأمس علي صفحات شَبكة «نون أون لاين» فشل القمّة العربية قبل أن تبدأ في العاصمة التونسية، ولم يكن الأمر مٌفاجَأة لي ولغيري من المهتمين بالشأن العربي ،فهكذا هي طبيعة أحوال العرب، إتفقوا علي  ألاّ يتفقوا..

وهذه هي العلامة الوحيدة علي توحٌّدٌهم علي قلبِ رجلٌ واحد ، فقد أكد الرئيس التونسي  الباجي قايد السبسي علي ضرورة تجاوز الخلافات وتنقية الأجواء العربية تحت شعار رفعه السبسي «قمة العزم والتضامن» ولكني أستطيع من خلال ما سمعتٌه من كلمات بعض الزعماء العرب أن أقول لا عزم ولا تضامن في ظل الظروف الخلافية بين قيادات العالم العربي «المٌتهتّك» فالسبسي أكد ما قلته في مقال الأمس وبّحّ صوت الرئيس التونسي وهو يطالب بوقفة لتحديد أسباب الوهن ومواطن الخلل، ومما يؤكد مواطن الخلل أنّ البعض من زعماء الدول  طالبهم الرئيس التونسي بالكف عن الكلام أثناء إلقاء  كلمات رؤساء الوفود من ملوك وأمراء وحكّام  وكأنّ القمة جاءت للثرثرة وحوارات الهمس والغمز، وأعاد لي هذا المشهد وقتما كنّا تلاميذ في المدارس حين كان التلاميذ يثرثرون أثناء شرح المٌدرس للدرس وقد فشل المٌعلّم في السيطرة علي تلاميذه  وإسكاتهم، وهذا يؤكد أنّ زعماء العالم العربي شاركوا في القمة علي مضض، بخلاف بعض الرؤساء الذين تكلموا بصراحة واضحة وهم يحملون هموم الوطن العربي علي كاهلهم، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي  علي رأس هؤلاء الزعماء الذي أعلن خلال كلمته استمرار إراقة الدم العربي في عدد من الأوطان العربية،بإيد عربية حيناً ،وعلي يد إرهابيين أجانب وميلشيات لقوي إقليمية، تسعي للتدخل في الشوؤن العربية لإعلاء مصالحها، أحياناً أخري.

وتساءل السيسي والألم يعتصره : ألم يئن الأوان لوقف هذا النزيف المستمر للدم العربي ؟ وكرر سؤال آخر: ألم يحن الوقت لتسوية عربية لتلك الأزمات، وكأنّ لسان حال الرئيس السيسي يقول لهم حرامٌ عليكم، هيا تحركوا لإنقاذ دماء الأبرياء التي تراق كل يوم بل كل ساعة، وأستطيع أنا كاتب المقال أن أرد علي تساؤلات الرئيس المصري الشجاع، بقول واحد وهو لن يفعل منهم أحد سيدي الرئيس أيًّ من مبادراتك وسوف يصمّون آذانهم عن السمع ، فالجميع يبحثون عن مغانمهم مع الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحهم الضيقة، فالرئيس الفلسطيني محمود عباس  جاء ليطلب المعونات المالية من الدول العربية بعد استعراضه للموقف الحالي علي الأراضي الفلسطينية ، واعترف خلال كلمته برفض منظمة حماس التصالح معه، وهذا تأكيد علي ما جاء بمقالي أمس علي صفحات هذه الإطلالة «نون أون لاين» فالمنظمتين حماس وفتح لا يريدان إغلاق«حنفية» المساعدات الدولارية التي طالب بها اليوم محمود عباس في افتتاح القمة ..

مؤتمر الكلمات المٌنمّقه

أمّا عن الوضع في سوريا فحدث ولا حرج، فالكلمات تخرج مٌنمّقة مرصوصة ،لا تزيد عن الشجب والاستنكار كما قلنا بالأمس حول قرار الرئيس الأمريكي ترامب بسيادة إسرائيل علي هضبة الجولان المحتلة، ولم تخرج من القمة الفاشلة أيّة بوادر تطل برأسها عن قرارات جوهرية كطرد السفراء الأمريكان من الدول العربية،أو استخدام سلاح البترول كورقة ضغط، أو وقف التعامل الاقتصادي بين الدول العربية وأمريكا، وهذا من المستحيل أن يحدث، فبعض الحكام العرب  يجلسون علي مقاعد حكمهم بمباركة أمريكية !

ليبيا تهدد الأمن القومي المصري

الجميع يعرف أنّ جيش مصر العظيم لن يسمح بقيام الطرفين المتصارعين في الشقيقة ليبيا  بتهديد أمن المصريين عبر الحدود، فرغم تعاطفنا مع الشعب الليبي، إلاّ أنّ أي تهديد لنا لن يمر دون عقاب فوري، وخلال  كلمات الرؤساء والزعماء العرب عن الوضع الليبي لم نسمع إلاّ نفس الكلمات التي تتكرر في كل قمة عربية علي مدار عقود طويلة حال وجود صراعات عربية –عربية، فالجميع طالبوا بالحل السياسي في ليبيا رغم علمهم باستحالة هذا الحل بسبب تدخل فرنسا وإيطاليا في الصراع، إذاً سيبقي الوضع علي ما هو عليه حتي يقضي الله أمراً كان مفعولا.

لاغالب ولا مغلوب في الحروب الأهلية

حين سمعت كلمة أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، قلت أنّ الرجل أتي إلي القمة ليقول هذه الكلمات ،لا غالب ولا مغلوب في الحروب الأهلية منتقداُ تدخل إيران وتركيا مما  أشعل الأزمة في المنطقة العربية الموجود بها الصراعات واستعصي  الحل، فكانت الجملة التي قالها أبو الغيط والتي يعرفها أي تلميذ في المرحلة الابتدائية  هي بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقها علي صدور الشعوب، ولم يقدم الرجل حلاً يرضي الإطراف المتصارعة، فاليمنيين يقتلون بعضهم البعض، ودول التحالف تقصف مواقع الحوثيين التي تدعمهم إيران هناك فيموت آلاف الضحايا ،فالصواريخ لا تفرّق بين حوثي وسنّي، فالكل مسلمون رغم خلافي الشديد مع الحوثيين الشيعة .

أماّ أمير الكويت فالرجل له مواقف وطنية تجاه القضايا العربية وهو رجل يتسم بالعقلانية، ومن خلال كلمته طالب بتجاوز الخلافات وتساءل: إلي متى سنقف عاجزين أمام الانتقال لأوضاعنا العربية لما يحقق آمالنا وهذا شكل متكرر يأتي به الزعماء حال ضعف موقفهم التفاوضي فالرجل لا يستطيع وحده لم الشمل لغياب الإرادة العربية، وأعلن الأمير الكويتي أسفه عن إعلان ترامب سيادة إسرائيل علي الجولان السورية !! وطالب الرجل بإفساح المجال أمام الحل السياسي ..تمخض الجمل فولد فأراً رغم أنّه يعرف جيداً بعد الحل السياسي طالما هناك فرقة وخلافات وكراهية بين بعضهم البعض كملوك وحكام ورؤساء ..

غياب دور منظمة التعاون الإسلامي!

منظمات لا تحمل من العمل إلاّ اسمها ،فلم نري لهذه المنظمة عمل يذكر لوقف الصراعات والحروب في منطقتنا العربية، كل ما جاء علي لسان كبيرها هو شكره للملك سالمان العاهل السعودي، علي ما يقدمه للمنظمة من دعم!

ولم نري كلمة تؤكد وجود موقف قوي لدور المنظمة خلال مؤتمر قمة الـ30 في تونس ، ووداعاً يا أمّة الإسلام تحت أقدام ترامب !!

الموقف المصري في الصدارة

كلمة مصر التي ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي هي طوق النجاة للخروج من الحروب العربية-العربية في الوقت الحالي، فالسيسي ألقي بالكرة في ملاعب الرؤساء العرب لعلها تسدد جول في مرمي المتصارعين !

وأخيراً أعتذر للقارئ الذي أطلت عليه، ولكنّ الأمر جد خطير وقريباً سنتقبل العزاء في أمتنا العربية وسنٌعلن عن مكان السرادق الكبير الذي يقدم فيه واجب العزاء من الإسرائيليين والأمريكان والأوربيين !!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى