اخترنا لكدنيا ودين

رضا هلال يكتب: رمضان يلملم أوراقه.. فهل لملمنا أنفسنا؟

ومضات رمضانية

يلملم رمضان أوراقه، ويوشك أن يطوي صفحة من أعمارنا، وما زال بعضنا يبحث عن شتات روحه ونفسه، غارقًا في مشاكل مادية وهموم معيشية وخلافات اجتماعية معقدة… صداعٌ في الرأس، وشتاتٌ في الروح، وضيق في الصدر لا يزول.

وكأننا نركض في سباق لا نهاية له، بينما كانت دعوة رمضان أن نجلس قليلًا… أن نهدأ، أن نصغي إلى صوت النفس، ونرمم ما انكسر في دواخلنا، لا أن نُمعن في الجري وراء ما يزيدنا تَعبًا.

رمضان لم يكن يومًا موسم طعام ولا مناسبة اجتماعية فحسب، بل هو موسم إعادة ترتيب الداخل، تنظيف القلب من ضغائن، وغسل الروح من هموم، وتصفية العلاقات كما نُصفي الماء العكر.

فإن لم يكن رمضان فرصة للصفح، للمصالحة، للعفو، فمَاذا ننتظر؟

وإن لم نلتمس السكينة فيه، فأين نجدها في زحام الأيام المقبلة؟

فهل استفادت أرواحنا من هذا الموسم الرباني؟ وهل يمكننا في الأيام القليلة المتبقية، أن نُصحّح اعتلال الروح؟

الإجابة نعم، وبكل يقين.

لأن الله لا ينظر إلى الكمّ، بل إلى النية والصدق. ويكفي أن نطرق الباب بقلوب مكسورة، فنُفتح، وأن نتوجه إليه بنية التغيير، فيحدث التحول.

فيما تبقى من رمضان، لا نحتاج الكثير…

سجدة خاشعة من قلبٍ يائس، دمعة صادقة من روح أرهقها التعب، استغفار حقيقي من نفس تاقت للغفران، وقرار صغير يبدّل مسارًا فينا.

تصحيح الروح لا يحتاج ثلاثين يومًا، بل لحظة صدق.

وهذه اللحظة قد تكون الليلة، أو غدًا، أو في وترٍ من الوتر…

فما زالت أبواب السماء مفتوحة، وما زال «الرحمن» يُنادي:

«هل من تائبٍ فأتوب عليه؟»

«هل من مستغفرٍ فأغفر له؟»

«هل من سائلٍ فأعطيه؟»

فلا تستهين بما تبقى، ففي القليل يكمن الكثير…

وفي لحظة صفاء واحدة، قد يُكتب لك ميلادٌ جديد.

الشهر الفضيل يلوّح لنا بوداع هادئ… فهل وقفنا قليلًا نسأله: ماذا تعلمنا؟ وماذا رمّمنا في نفوسنا؟

لعلنا إن أحسنا الختام، نُرزق بداية جديدة… أكثر طمأنينة، وأكثر قربًا من الله، ومن أنفسنا، ومن الناس.

وغدًا ومضة رمضانية جديدة

redahelal@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

زر الذهاب إلى الأعلى