نون والقلم

رشاد أبوداود يكتب: بقرة هوليوود المقدسة!

أحزن كلما تذكرته وهو يبكي أمام لاري كنغ، في برنامج «لاري كنغ شو». بدا «العراب» مارلون براندو كطفل مذعور يستجدي الغفران، ويستعطف يهود أميركا أن يسامحوه لأنه كان قد قال «الحقيقة المحرمة» على الهواء مباشرة في الـ«سي.ان.ان»: «اليهود يحكمون هوليوود، بل إنهم يملكونها فعلاً». اتهم آنذاك بالعنصرية ومعاداة السامية. حوصر وقوطع ونبذ وقطع رزقه. معروف عن لاري كنغ ذي اللسان السليط أنه الإعلامي الأشهر في التاريخ الأميركي وصاحب الأجر الأعلى في العالم إنه اليهودي الأشد دفاعاً عن «إسرائيل».

لكن إعلاميين آخرين لم يتعلموا الدرس. آخرهم وليس أخيرهم المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، مارك لامونت هيل، الذي فصلته «سي.ان.ان» أخيراً بسبب مطالبته بتحرير فلسطين، ودعوته في خطاب ألقاه باجتماع أممي بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لمقاطعة تل أبيب، مطالباً بـ«فلسطين حرة من النهر إلى البحر».

وتعرض هيل إلى انتقادات واسعة من المقربين من اللوبي الصهيوني، معتبرين أن ما قاله إنما هو «معاداة للسامية»!

هيل رد في حسابه على تويتر،قائلا «لسوء الحظ، نحن في لحظة أي نقد فيها للحكومة الإسرائيلية يسمى معاداة السامية»، مضيفاً: «وأي دعوة إلى الحرية الفلسطينية تعتبر محاولة للتقليل من حرية إسرائيل».

وواصل هيل، في ردوده على الانتقادات التي تعرض لها، فقال من جديد: «أنا أؤيد الحرية لفلسطين. أنا أؤيد حق تقرير المصير للفلسطينيين». وشدد على انتقاداته «بشدة للسياسات والممارسات الإسرائيلية»، مبيناً أنه لا يؤيد معاداة السامية أو قتل الشعب اليهودي، أو أي شيء آخر ينسب إلى خطابه، موضحاً أنه «قضى حياته في محاربة هذه الأمور».

وأشار هيل إلى أن «عبارة من النهر إلى البحر، تعود إلى أوائل القرن العشرين، ولم تكن أبداً متقاطعة مع معسكر أيديولوجي معين»، موضحاً: «هذا يعني أن كل مناطق فلسطين التاريخية مثل الضفة الغربية وغزة وإسرائيل (الأراضي المحتلة) يجب أن تكون أماكن للحرية والسلام للفلسطينيين».

المحطة ذاتها، سبق أن فصلت مقدم البرامج الأميركي من أصل كوبي، ريك سانشيز، بعد أن فضح ما وصفه بـ «سيطرة اليهود على الشبكة الدولية، وتعصبهم دون غيرهم»، مؤكداً أنه تعرض مراراً وتكراراً «لأشكال من التمييز الخفي في مسيرته التلفزيونية بها».

التالي الذي على شفا هاوية الفصل من سي.ان.ان هي الصحافية الأميركية السورية، هالة غوراني التي لم تزل تعمل في المكتب الرئيسي للمحطة.

هوليوود بقرة اليهود المقدسة فقد سبق أن دفع الثمن المذل البريطاني غاري أولدمان حيث اعتذر الممثل البالغ من العمر 56 عاماً، عن تصريح له قال فيه: إن «اليهود يسيطرون على هوليوود»، ووجه رسالة إلى مركز سيمون ويسنتال وإلى جمعية «آي دي ال» المعنيتين بالتصدي للعداء لليهود، متمنياً أن «يقنعهم صدق اعتذاره»، مؤكداً أنه يكن «مودة كبيرة للشعب اليهودي الذي عانى الاضطهاد على مر العصور». واعتبر مدير جمعية «آي دي ال» إبراهام فوكسمان أن هذا الاعتذار ليس كافياً، قائلاً: «على أولدمان أن يوضح ليس لليهود فقط، وإنما لجمهوره أن تصريحاته كانت جارحة».

وفي التاريخ الحديث أمثلة حيّة على من أماتتهم الحركة الصهيونية بواقعها الإعلامي وأدواتها السياسية. ولربما أشهرهم روجيه جارودي الباحث المفكر العالِم الذي شكك بالمحرقة فاحترق. وأيضاً الأب بيير رجل الدين الفرنسي الذي كذب حكاية المحرقة فحاصره الإعلام الفرنسي المسيطر عليه صهيونياً فاختار منفاه في دير بأعلى الجبل حتى لا تصله سهام الانتقام.

إن تكميم الأفواه عن قول الحقيقة لا يعني أنها ليست حقيقة. وإسرائيل الدولة ليست حقيقة بل وهم وكذبة كذبها ثيودر هرتزل بمشروعه الصهيوني، فصدقها هو ومن معه، وروجوا لها فصدقها من غرر بهم. فقد شكك عالم الآثار الإسرائيلي «إسرائيل فلنكشتاين» من جامعة تل أبيب الذي يعرف «بابي الآثار» بوجود أي صلة لليهود بالقدس، جاء ذلك خلال تقرير نشرته مجلة «جيروساليم ريبورت» الإسرائيلية توضح فيه وجهة نظر فلنكشتاين، الذي أكد لها أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة.

نقلا عن صحيفة البيان

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى