نون والقلم

د.ياسر الهضيبي يكتب: سعد زغلول.. الزعيم الإنسان

«نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول ورفاقه في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلاً فى استقلال مصر تطبيقًا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى» هذا هو نص التفويض الذي أعطاه شعب مصر لزعيم الأمة سعد باشا زغلول ورفاقه ثقةً منهم في وطنيتهم.

 في النصف الثاني من شهر أغسطس تحل علينا ذكرى وفاة زعيم الأمة سعد باشا زغلول، سيتسارع الكتاب والسياسيون لإحياء ذكراه، والكتابة عن موافقة السياسية الوطنية التي هي درة تاج تاريخ مصر الحديث، إلا أنهم لن يستطيعوا حصرها، أو الوفاء بحقها.

 كان الزعيم خالد الذكر سعد باشا زغلول رغم قوة شخصيته وقدرته الكبيرة على التأثير في الشعب المصري بفصاحة خطاباته وصلابة مواقفه، إلا أنه كان مثيراً للجدل لدى بعض معارضيه.

سعد باشا الرجل الذي امتلك قدرًا كبيرًا من الشجاعة جعلته لا يخفى أخطاءه، فاعترف بها في مذكراته دون خجل ولا ادعاء عصمة، وكأنه يعطينا دروساً في الحياة كما أعطانا أعظم دروس في السياسة فيا ليت لنا مثل ما أوتى لسعد من شجاعة تأنيب وتهذيب النفس.

 زعيم الأمة بمواقفه التي تعد أكبر دلائل الوطنية، عاش ٦٩ عامًا، داعيا للمساواة والمواطنة والحرية بجميع أشكالها، وكأنه على رأس السهم المنطلق، طالب بحرية الوطن من الاحتلال الإنجليزي وحرية المرأة من قيود عادات وتقاليد بالية ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات تجاه الوطن.

فكان لسعد باشا دور بارز في تحرير المرأة لا يقل أهمية عن دوره في تحرير الوطن، تجلى هذا الدور في إيمانه أن المرأة لها حق المشاركة في الثورة وكانت زوجته صفية زغلول أول المشاركات.

 وتوج دعمه لاستقلال المرأة حين شارك في تأسيس الجامعة المصرية مع قاسم أمين والشيخ محمد عبده، ووضع شرطاً من شروطها ألا تختص بجنس ولا دين، وتكون لكل أبناء مصر جميعهم.

 ومن هنا استطاعت المرأة أن تحصل على حقها في التعليم، كما حرص سعد باشا على مجانية التعليم لمحاربة الأمية وبناء جيل مثقف قادر على خدمة قضايا الوطن.

 كان رحمه الله زعيماً للأمة، خرج من ريف الوطن كما وصفه العقاد في كتابة «سعد زغلول سيرة وتحية» حيث قال «سعد كان خير زعيم في مصر، لأنه فلاح من أمة الفلاحين»، كما وصفه نجيب محفوظ قائلا: «إنك أول مصري يتولى الحكم منذ العهد الفرعوني، وتوليته بإرادة الشعب، من أجل ذلك أهبك حق الجلوس بين الخالدين من أجدادك».

 كان سعد باشا زغلول وسيظل زعيماً للأمة بأكملها، وستظل ذكراه وسام على صدر الوفديين، بل والمصريين جميعاً.

نائب رئيس حزب الوفد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى