نون والقلم

د.مصطفى محمود يكتب: جوجل..التي لا نعرفها!

في الأونة الأخيرة  ومع عودة ظهور فتى جوجل المدلل «وائل غنيم » في سلسلة فيديوهات؛ يبدو فيها وكأنه فقد قدرًا من عقله ؛أو أن ثمة شيئا ما سيطر على حياته ؛ وربما تتسأل كيف عمل هذا الشخص في مؤسسة كجوجل؛ ووصل فيها لمنصب هام ؛وفى الواقع أن جوجل مؤسسة ورائها العديد من الحكايات ؛ وفي كل يوم وأنت تستخدم مؤشر البحث جوجل عبر الشبكة العنكبوتية ،لا تفكر ولو للحظة أنك تحقق أرباحا طائلة لتلك الشركة ؛وتثبت أقدامها في عالم السيطرة على مقدرات الشعوب السياسية والاقتصادية ؛وهذا ما ينبهك اليه المؤلفان تورستن فريكه وأولريش نوفاك في كتابهما «ملف جوجل».

ومن  أهم النقاط التي يكشف فيها المؤلفين الوجه القبيح  لجوجل هو ما تستخدمه الشركة في التجسس على البيانات والمعلومات الخاصة بعامة الناس حول العالم؛ ولعل ما حدث في عام 2010، أكبر دليل على ذلك فيما عرف وقتها باسم (صور جوجل ستريت)، حيث قامت الشركة بإطلاق العديد من السيارات في مناطق عديدة لتصوير الأبنية والمنازل والشوارع، مما أثار شكوك العديد من الأفراد الذين اعتبروه بمثابة الاختراق للحرية شخصية ؛وازدادت الأزمة حدة مع  اكتشاف قيام تلك السيارات باختراق الشبكات اللاسلكية غير المؤمنة، والحصول على الكثير من البيانات الخاصة لمستخدميها. محققة بذلك أرباحاً وصلت إلى ما يقرب من 13 مليار دولار؛ ومع أن الشركة نفت تلك القصة في البداية، إلا أنها اعترفت في النهاية بها، مبررة ذلك “بالخطأ العفوي”؛ وبعد تحقيقات ومرافعات استمرت لنحو عامين، تصالح محامو الدفاع مع الشركة بعدما دفعت سبعة ملايين دولار من أصل مكاسب 13 مليار دولار.

وفي نوفمبر من عام 2013، اتهمت جوجل بمراقبتها بشكل غير شرعي لسلوك ملايين الأفراد وهم يدخلون على الشبكة العنكبوتية من خلال متصفح سفاري التابع لشركة آبل، وأنها خزّنت ما جمعته من معلومات عن هؤلاء الأفراد، وقد استطاعت جوجل أن تتوصل إلى تسوية مع المدعي العام بعدما دفعت غرامة مالية بلغت 17 مليون دولار؛ والطريف أنه عندما وجه سؤال لجوجل عن السبب الذي جعلها تؤيد باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية، كانت الإجابة : «لأننا لاحظنا، من خلال ما تجمع عندنا من بيانات، أنه هو الذي سيكون الرئيس فعلاً، وعلى خلفية ذلك، اتخذنا كل الترتيبات الضرورية لأن يتبوأ هذا المنصب».

وهذا يؤكد أن جوجل مخترقة للمجال السياسي وصارت تلعب دوراً مؤثراً في توجيه الرأي العام، وقد أدى ذلك كثيراً الى تضليل الناخبين ؛ ودفعهم في اتجاه بعينه، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في نتائج دراسة أجراها خبير العلوم السيكولوجية الدكتور روبرت إبشتاين في سياق دراسة تم نشرها في عام 2014.وللأسف أن لشركة أثار سلبية أخرى غير اللعب الخفي في أروقة السياسة على رأسها تراجع قيمة المعرفة والبحث العلمي؛ فقريباً، لن يكون من الضروري قراءة الكتب أو المقالات التي يكتبها أحد المؤلفَين، بل ستتلخص المعرفة في مجرد المرور على النصوص مرور الكرام فقط، وعدم الوقوف عندها طويلاً، والاكتفاء بمراجعة مفردات رئيسة، شديدة الاختصار ومستهدفة بحد ذاتها.

وشركة جوجل، التي تعد من أهم الكيانات المعلوماتية الكبرى في العالم، المتميزة باحتكارها لمصدر مالي تتدقق منه الأرباح بشكل متزايد من عام إلى آخر، وهيمنته تكاد تكون تامة على وسيلة تترسخ أهميتها من يوم إلى أخر والملايين، يستخدمونها، كياناً ضخماً يتوسع بشكل يومي، ليفرض سيطرته على المزيد من الشركات والمؤسسات ويُدخلها ضمن نطاق سلطته وهيمنته. وعالم البيانات الذي تعمل فيه جوجل حالياً، أكثر قيمة وفائدة من عالم النفط والمحروقات الذي كان حتى وقت قريب هو المجال الأكثر اجتذاباً للاستثمارات في العالم. وجوجل التي تغيّر نمط حياتنا اليومية وتتدخل فيها بكل قوة مستقبلها يبدو مزدهراً بشكل لا يمكن تخيّله، فإن باستطاعتها أن تصبح مستقبلاً أول شركة مسجلة في بورصة أميركية يزيد رأس مالها السوقي عن تريليون دولار أميركي.

وتحكم جوجل في العديد من مفاصل شبكة المعلومات الدولية، قد أسفر عن تحقيق سلطان عظيم لهذه الشركة وتمخض عن كنوز مالية كبرى، حتى صار في مقدور تلك الشركة توسّيع نفوذها التجاري فاستحوذت على مئات الشركات وأصبحت تساهم في رؤوس أموال عشرات الشركات. ومنها موقع اليوتيوب الذي يُعتبر أكثر مواقع الفيديو حظوة عند الجمهور على مستوى العالم.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى