نون والقلم

د. عادل رضا يكتب: طوفان القدس والاستفزازات الغربية

هستيريا الحلف الطاغوتي الربوي العالمي انفجرت بكل وقاحة واستفزاز وإهانة ضد المنظومات الرسمية العربية العاجزة والتي لم تستطيع حتى أن تصنع بيان إعلامي هزيل ناهيك عن التدخل العسكري أو الدعم الأمني والاستخباراتي للفلسطينيين.

وكشفت هذه الهيستيريا الطاغوتية أن الأنظمة الرسمية العربية «عاجزة» «مشلولة» ليس في يدها أي شي وليس لهم القدرة لصناعة أي «فعل» أو القيام بأي «أمر».

وهذه الوقاحة الطاغوتية والاستفزاز الاستكباري أيضا امتدت ضد المنظومات الرسمية الإسلامية في تصريحات مهينة لتلك المنظومات الرسمية الحاكمة، قبل أن تكون تلك التصريحات استفزازية لشعوبنا العربية والإسلامية.

ونحن إذا نحيي ونقدر مواقف الشعوب الغربية المساندة لقضايانا العادلة ونرفع لهم قبعات التحية والاحترام علينا أن نشير إلى مسألة مهمة أظهرتها هيستيريا «تصريحات» الحلف الطاغوتي الربوي العالمي وهي:

أن الشعوب الغربية لم تجد لها مكان لتعبر فيه عن آرائها إلا مظاهرات الشوارع الغير مرخصة حيث تم منعهم وتهديدهم بواسطة منظوماتهم الطاغوتية الحاكمة ولم تسمح لهم من أن يقولوا عكس تصريحات المسئولين؟! وأن يعبروا عن أي شي مختلف، أو أن يخرجون إعلاميا في أي رأي ناقد ومعارض؟!  وحرموهم «أقصد شعوبهم المحكومة منهم» من «حرية التعبير» ورفضوا «حرية الرأي» لهم، وهذه نقطة مهمة يجب تسجيلها للتاريخ وعلينا أن «لا» ننسى وأن «لا» نتجاوز تلك المسألة التي تضرب في صميم اليات النظام الإداري والاقتصادي والاجتماعي والأمني الليبرالي «الحاكم» في الدول الغربية لأنه يوضح عن الحقيقة الديكتاتورية التي تدير المشهد هناك من خلال «واجهة ديمقراطية» ضد الديمقراطية؟!

عندما يقول رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بايدن: إن لم تكون هناك «إسرائيل» فإننا سنخلق «دولة إسرائيل»!؟ فهذه وقاحة وعندما تأتي وزيرة خارجية ألمانيا وتقول: «نحن كلنا يهود !؟» وعندما يأتي شخص نفس وزير خارجية أمريكا «بلينكن» ويصرح: بأنه جاء كـ«يهودي» وليس كـ«وزير خارجية!؟» وهؤلاء غير أن تصريحاتهم مستفزة وأيضا في نفس الوقت تصريحات «غبية» وتمثل ترهات وخزعبلات كلامية لأنهم بكل بساطة من المفروض أنهم يمثلون «دول» وليس أن يمثلون «دين»!؟.

إن هكذا استفزاز ووقاحة وقلة أدب وغباء معرفي من هذه الدول الغربية وتصريحات مسئوليها الرسميين، رفضتها مجاميع كبيرة وواسعة من شعوبهم «المحاصرة» والذين كما ذكرنا عبروا عن ذلك من خلال خروجهم بالألاف إلى الشوارع و الساحات، وعلينا أن نلاحظ كذلك حصار أخر تم ممارسته على الشعوب الغربية وأيضا العربية والإسلامية من خلال إغلاق نوافذ التعبير والرأي الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي بكل ما يختص و يتعلق في القضية الفلسطينية في العموم وعملية «طوفان القدس» في الخصوص، وعلينا أن نلاحظ أن نفس هذه المنظومات الغربية الحاكمة لم تمنع إلى الآن ومنذ سنوات أي حسابات للتواصل الاجتماعي أو مواقع انترنت إخبارية أو فضائيات تلفزيونية تابعة لتنظيم داعش وغيرها من تنظيمات إجرامية تكفيرية وظيفية؟ وهذا تساؤل؟ لمن يريد أن يفكر بعقله؟

لذلك نقول مجددا: إن استمرار استفزازات التصريحات الغربية أمر غير مقبول ناهيك على المغالطات المعلوماتية وكذلك محاولات استغباء أي عقل بشري وأي منطق.

إن من الواضح من حجم التظاهرات الشعبية المؤيدة للحالة الفلسطينية في العالم الغربي أن هناك انفصال بين المنظومات الغربية الحاكمة وبين شعوبهم و أيضا عن انفصال واضح بين وسائل الإعلام و الدعاية المرتبطة مع المنظومات الحاكمة الغربية و بين «الناس» ومواطنين تلك البلدان، مما يعيد إلى الأذهان مسألة «حقيقة» «قدرة» «الألية الديمقراطية الليبرالية» على تمثيل عامة الناس ونقل تناقضاتهم ورغباتهم وما يريدون إلى مواقع القرار والسلطة والحكم، و أعاد إلى الأذهان مسألة أن «الحاكمية» الحقيقية في الواقع الغربي هي لأصحاب رؤوس الأموال ومن يملك خطوط القرار في العائلات والمنظومات الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل شبكة تحكم و سيطرة تدفع بـ«شخصيات» تمثل «واجهات» متغيرة في كل مدة زمنية و أخرى، يتم القصف الإعلامي عليها وتحميلها أي سلبيات أو تفريغ عليها حالات الغضب أو سوء الإدارة او الفشل، و بعدها يتم استبدال تلك الشخصيات مع شخصيات أخرى بديلة؟! ولكن تبقي المنظومة الحاكمة من عائلات اجتماعية وشبكات مصلحية وشركات مالية وأصحاب حافظات نقدية عقارية مليارية لا تدفع الضرائب؟! وشركات عابرة للحدود وملاك مؤسسات الدعاية هم: «المنظومة الحاكمة الثابتة المسيطرة».

أما الواجهات كـ«شخصيات رؤساء الوزراء والموظفين الكبار… الخ فهؤلاء يتم تبديلهم حسب الحاجة ضمن حالة استحمارية استغبائية لشعوبهم، تحت مسمى «الديمقراطية»، التي فقدت مضمونها وتعريفها الحركي مقابل واقعها وحقيقتها بأنها انعكاس لما تريده «منظومات السيطرة والتحكم» في الغرب».

فحتى آليات الانتخاب والتصويت هي محسوبة ومرتبة سلفا ضمن مخرجات الدوائر الانتخابية وحجمها وتوزيعها لإعادة إنتاج نفس الواجهات المتغيرة الذين يتم الدفع بهم بين فترة وأخرى ويتم شيطنتهم في فتراتهم النهائية لاستبدالهم بـ«واجهات أخرى».

فهذه ديكتاتورية غير معلنة في شكل شيطاني خبيث وضمن حالة استحمارية إذا صح التعبير، كشفتها عملية طوفان القدس.

علينا التأكيد من هذا كله: ان الفلسطينيين من أي تنظيم او جهة او حتى كـ«أفراد» لهم الحق…كل الحق في الاستقلال والحرية والحياة على بلدهم وأرضهم وليس لأي شخص من أي جهة أو دولة أن يمنعهم من أن يحاربون المحتلين لوطنهم وأن يعملوا على طرد الغزاة الأجانب.

وللفلسطينيين أن يشتغلون ضمن الوسائل الحربية والأمنية والاستخباراتية والسيبرانية والاقتصادية والإعلامية…الخ على إخراج الأجانب من وطنهم وأيضا على تدمير قاعدة «الأجانب» الصهيونية العسكرية الأمنية الاستخباراتية التي تم فبركتها وتصنيعها على أرضهم المحتلة من الحركة الصهيونية العالمية المدعومة من الحلف الطاغوتي الربوي العالمي وهؤلاء كلهم «أجانب» وليسوا «عرب» ولا علاقة لهم أو صلة أو ارتباط مع مناطقنا و «لا» أراضينا وهم «غرباء» وعليهم أن يرحلوا بعيدا إلى بلدانهم الأصلية.

إن الفلسطينيين ليس لديهم أي شيء ليخسروه في هكذا صراع إلا أن يتحرروا، وهذا سيتحقق ضمن حركة كفاحهم المتواصلة ضد الغزاة الأجانب القادمين من الخارج، ولهم كل الشرعية القانونية أن يدافعوا عن وجودهم الإنساني وعن «استقلال» بلدهم المحتل.

إن من كان يقول إن القوة العسكرية الصهيونية غير قابلة للهزيمة والسقوط أثبتت المقاومة الفلسطينية أن كل ذلك هو «وهم» تم كسره وتحطيمه وتم تدمير شوكة الصهاينة العسكرية والأمنية والاستخباراتية وليس فقط ذلك الأمر فقط هو «الوحيد» قد تم محوه من الذهنية العربية الفلسطينية.

بل تم الكشف عن «غباء» كل الضوضاء الدعائية من كل هذه الدعم الأجنبي من الحلف الطاغوتي الربوي العالمي ومن دول نفس الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرهم من الغرباء.

إن كل هذا تم اسقاطه وتدميره في عملية طوفان القدس، لذلك عندما ذكرنا أن ما بعد تلك العملية ليس كما كان قبلها، وأن المرحلة المستقبلية على أرض دولة فلسطين المحتلة صهيونيا مع الدعم الأجنبي المساند لها، ليس له أفق ليستمر في الوجود وليبقي متواجدا، وأنهم سيرحلون كما رحل الصليبيون من قبلهم وكما ذهب المغول.

طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري

كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

زر الذهاب إلى الأعلى