صدم الخطاب الملكي للذكرى 46 لملحمة المسيرة الخضراء، بعباراته، وبمضمونه، وبرسائله «كابرانات» العسكرتارية الجزائرية ودُميتها في قصر «المرادية»، لقد اعتقد من لا يعرف المغرب، تاريخه، ملوكه وأخلاقهم، أن المغرب سينجر إلى خطاب السفاهة والحطة والحرب، وأتاهم الجواب كله رفعة وطموح وإباء وحزم واعتزاز.
لقد زاوج الخطاب الموجهة مضامينه إلى أطراف عدة، ما بين تثمين المكتسبات، وعرض الحقائق، والدعوة إلى اليقظة والحزم، في تأكيد جديد على «الممكن» القادر لوحده على كفالة استقرار المنطقة وتنميتها، بلغة منتقاة، لا تحمل غلا ولا حقدا ولا ضغينة لأحد، لكنها في المقابل، حرصت على التذكير بقواعد اللعب في: «عدم النقاش والتفاوض على الصحراء»، و«أننا ننتظر من شركائنا، مواقف أكثر جرأة ووضوحا»، و«أن المغرب لن يقوم مع أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة بأي خطوة اقتصادية أو تجارية».
فقرات معدودة، وزمن قصير استغرقه خطاب، غطى على كل ما أنتجته «البروباغندا» المعادية فتهاوى بنائها. كما تهاوت «جمهورية الرمال»، ولأن الكبير يبقى كبيرا. أبى جلالة الملك إلا أن يختم قوله بالتعبير «لشعوبنا المغاربية الخمسة. عن متمنياتنا الصادقة، بالمزيد من التقدم والازدهار، في ظل الوحدة والاستقرار».
إنه الجواب الإنساني لخطاب الكراهية والمعاداة، للخطاب الذي لا يفتر في دق طبول الحرب. وتغذية العداوة بالإشاعات وافتعال الأحداث، لكن هل يفهم ذوو الأحذية الثقيلة. خريجي المدرسة الاستعمارية، أو من يسميهم الشعب الجزائري الثائر «العصابة». هذه اللغة وهذه الرسالة؟ .
لقد أرادت العسكرية الجزائرية، أن تشوه لحظة احتفال شعب بملحمته التاريخية، لحظة تجديد الوطنية المغربية وشرعية التعاقد بين الملك والشعب، بافتعال حادثة «الشاحنتين»، لكن ككل سحر ينقلب على الساحر، أتى الجواب صاعقا من فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام، فبماذا ستفكر «العبقرية العسكرية» مستقبلا؟.
عاب الرئيس تبون على الإعلام الغربي، أنه ينظر إلى الجزائر بأنها كوريا الشمالية. لكنه الجزائر الأسيرة في يد ثكنات الجيش، هي كوريا الشمالية. ويتفقان في كونهما الدولتان اللتين تغلقان حدودهما مع جيرانهما. وفيها فقط تشاهد طوابير البحث عن «البطاطا»، وفيها تسخر مقدرات الشعبين لخدمة برامج التسلح. وفيهما معا يسود الجوع والخوف من المستقبل..
لهذا أسي تبون تقارن الجزائر الأسيرة بكوريا الشمالية.