نون والقلم

د. الشيماء أبو الخير تكتب: عزيزتي حواء.. متخافيش من بيت العيلة

كنت ذات يوم أتصفح إحدى الجروبات الخاصة بالفتيات وحكاويهن على فيسبوك فلفت انتباهي ظاهرة غريبة أطلقت عليها «فوبيا بيت العيلة»، فبمجرد أن تعلن إحداهن أنها ستتزوج أو وجدت نصفها الآخر تتسارع صيحات صديقاتها لا تتزوجي ببيت العائلة، ثم يبدأن في سرد المبررات لذلك، فمنهم من تقول: أنتي لن تنعمي باستقلاليتك ولن تهنئي بأي خصوصية، وتبرر أخرى قائلةً: حماتك هتتدخل في كل كبيرة وصغيرة، وثالثة ترد: هتدخلى السرايا الصفراء قريب، والرابعة: أخوات زوجك شياطين الجن هيبهدلوكى، أما الخامسة تعلق بـ:إنتِ كده هتشتغلي خادمة لبيت العيلة مش هتكونى زوجة!!

توقفت برهة ثم عاودت القراءة من جديد فوجدت المزيد من صب البنزين على النار كأن الفتاة أعلنت دخول حرب وليس حياةً زوجيةً ..الكل يتسابق في جعلها تتراجع عن فكرة الزواج ببيت العائلة!

تساءلت قليلاً هل هن محقات في ذلك أم أن كلماتهن تحمل الكثير من المبالغة؟! لماذا كل هذا العداء لبيت العائلة؟ كيف يمكن لإنسان أن يفقد خصوصيته رغماً عنه؟! لماذا لم يتساءلن عن زوجها المستقبليّ هل هو تابع لعائلته أم مستقل الرأي  والشخصية؟، هل أصبح مفهوم الارتباط لدى الكثيرات بهذه السطحية المبالغ فيها؟! هل العيب في تلك الفتيات، أم في تربيتهن، أم في الزمن العجيب بكل مفرداته؟!

تذكرت قول المصطفي «صلى الله عليه وسلم» عندما قال ( أفشوا السلام بينكم )، وأيقنت أن الإجابة لا فليس العيب في الزمان فديننا صالح لكل زمان ومكان، لكن الكارثة تكمن في تربية الفتيات اللاتي فطرن على أن أم الزوج هي ذاك الوحش المفترس الذي لم يهنأ له بال حتى يدمر الآخرين فتبدأ بالتدقيق في كلماتها والتصيد لأخطائها التي ربما تكون عفوية!

العيب فيمن تربت على أن أخوات زوجها هن الأقل شأناً منها، عندما أمرنا النبي بإفشاء السلام فهو يعنى مفردات كثيرة فهل يعقل أن تقابل الآخر ببشاشة وجه ثم يقابلك بالسيف!، وحتى فرضاً أنك قوبلت بالسيف فلتجعلن الورود والكلمات الجميلة هي المقابل.

لكل فتاة ليست المشكلة أن تسكني ببيت عائلة لكن مشكلتك هي «من هي العائلة»! كيف يتصرفون، أساليب تعاملاتهم، تحرى مواقفهم وأخلاقهم، تحرى شخصية من يتقدم للزواج منكِ، تحرى صفاته، تعاملاته.. ووقتها قرري هل تتزوجيه أم لا واعلمي أن الله يحاسب العبد بالنوايا.

والدة زوجك بمكانة والدتك فلتحمليها على عاتق الرحمة، وأخواته اجعليهم أخواتك، حتى وإن أساءوا إليكِ فلتقابليهم بالحسنى، اجعليهم يتوارون خجلاً من شدة أخلاقك بالتعامل معهم.. عاملي الله قبل البشر ولا تلتفتي لعقد الزمن ولا تنسي ما أمرك به الله.

 

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى