نون والقلم

د. الشيماء أبو الخير تكتب: «ختان الإناث» الجريمة التي تفتح الباب لجرائم أكبر!

تزامناً مع الحملة القومية التي يطلقها المجلس القومي للمرأة لمناهضة ختان الإناث على المستوى الإفريقي والذي يعتبر من أكثر أنواع العنف ضد المرأة بشاعة.

توقفنا عبر محطة خطيرة قد لا ينتبه إليها البعض، فهذه الممارسة الخاطئة والتي تعد جريمة كاملة يتم ارتكابها بمباركة مجتمعية وفقاً لموروثات بالية، لم تعد فقط مجرد جريمة فردية ترتكب بحق فتيات قُصَر، لكنها تفتح الباب على مصراعيه لجرائم أكثر خطورة!

تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونسيف» العام الماضي أن نسبة انتشار ختان الإناث في مصر عام 2000 تعدت الـ97%، وسجلت انخفاض عام 2015 إلى 92%، ثم إلى 87% عام 2016، إلا أن انتشار تلك الممارسة عاد في الصعود إلى 91% عام 2017، رغم سن الحكومة في مصر تشريعات تعاقب كل من ينتهج تلك الممارسات أو حتى يحرض عليها.

ورغم الجهود المبذولة من منظمات حقوق المرأة والمجلس القومي للمرأة في مصر إلا أن معدلات انخفاض تلك الممارسات على أرض الواقع -وإن كانت قد جاءت بنتائج كبيرة- لكن ليست بالنتائج المرجوة حتى الآن. المشكلة الأكبر ليست فقط في وجود ممارسات كهذه تخص المرأة على المستوى الأكبر، لكن الخطورة الأكبر تكمن في النتائج المترتبة على تلك الممارسات.

فالختان له تأثيرات نفسية خطيرة على الفتاة ذاتها وعلى صحتها فقد يعرضها للنزيف المستمر والعقم والتشويه لجسدها مما يكون له الأثر الأكبر على علاقتها بزوجها، فلكم أن تتخيلوا إذاً أن هناك فتاة تعرضت لتلك الممارسات العنيفة فقدت الثقة في جسدها وفي نفسها، فعندما تتزوج سينعكس ذلك بشكل كبير على علاقتها بزوجها، ومن ثم سنصبح أمام حالة من الهجر بينها وبين زوجها إلى أن ينتهي بحياتهم المطاف إلى الطلاق! أو العنف من قبل زوجها وستدفع هي الثمن أيضاً، وقد يتهمها زوجها بالتقصير في حقه! حتى على المستوى القانوني من حق زوجها أن يطلقها إذا ثبت بكافة الدلائل أنها لا تعطيه حقوقه الشرعية.

وعلى الجانب الآخر.. قد يقوم الزوج خشية من الانفصال بهجرها والبحث عن طرق أخرى يجد فيها ملاذاً لتحقيق رغباته، فتجده يصطحب أصدقاءه للمقاهي وقضاء وقته باللعب والإقبال على إدمان المخدرات ومن ثم الإصابة بفقدان توازن والتأثير الخطير على صحته فيفقد التركيز في عمله مما يعرضه للطرد من صاحب العمل ويعانى البطالة! وإما أن يرتكب جرائم عديدة وهو تحت تأثير المخدرات كالقتل وأحيان كثيرة يصل لحد قتل أبناءه وزوجته ذاتها! والسرقة والتحرش والاغتصاب وهكذا حتى تجد أن الأسرة قد دمرت والحياة تم دحرها. وبنظرة على هذه السلسلة المتتابعة من الجرائم المتعددة ستجد أن السبب الرئيسي فيها جريمة واحدة وهى أحد أشكال العنف ضد النساء.

وعن موقف الدين  فلا يوجد دين سماوي شرع تشويه أو استئصال أي جزء من جسد الفتاة! فكل الأديان السماوية جاءت بتشريع الرحمة والعدل والمساواة بحدود وضعتها هذه الأديان، حيث أن الختان عادة عرفتها القبائل العربية في الجاهلية نظراً لظروف معينة ولكن في عصرنا تبين قدر الأضرار النفسية والصحية بإجماع جمهور الأطباء  والدليل على أن الختان ليس أمراً مفروضاً في الدين الإسلامي أن النبي «عليه الصلاة والسلام» لم تختن بناته «رضي الله عنهن».

وفيما يخص الجهود المبذولة لمكافحة تلك الممارسات الضارة والخطيرة ليس فقط على الفتاة بل المجتمع بأسره: يجب تكثيف الحملات التوعوية في المدارس والقرى والنجوع الفقيرة خاصة في صعيد مصر مع الإشارة لضرورة شن عدد من الحملات الإعلانية المكثفة بالتليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي لإظهار الأثر السيء  والخطورة الحقيقية وراء الاستهانة بمثل تلك الممارسات ضد المرأة التي هي تعتبر نصف المجتمع بل كل المجتمع إن صح التعبير، مع مراعاة وضع هيئة رقابية على كل العيادات والمستشفيات لرصد مثل  هذه الحالات من العنف المتعمد واتخاذ الإجراءات القضائية بالحبس كما ينص القانون المصري للأب والأم والطبيب وأي شخص تسول له نفسه ارتكاب أياً من تلك الممارسات بحق جسد حواء.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى