نون والقلم

د. إيمان علاء الدين تكتب: جعران موكب المومياوات الملكية

اتجهت أنظار المصريين والعالم أجمع نحو المتحف المصري، لمشاهدة ومتابعة فاعليات بدء الحدث العالمي لنقل موكب المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير وحتى المتحف القومي للحضارة، حيث سيغادر 22 مومياء ملكية، و17 تابوتًا، إلى متحف الحضارة المصرية بالفسطاط، حيث سيتقبلها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من الشخصيات الهامة الدولية وكبار رجال الدولة المصرية.

وينقل الحدث نحو 18 قناة عالمية على الهواء مباشرة، وتعود تلك المومياوات إلى عصور الأسر الـ«17 و18 و19 و20». ومن بينها مومياوات الملوك «رمسيس الثانى وسقنن رع وتحتمس الثالث وسيتى الأول وحتشبسوت. وميرت آمون حسب بيان وزارة السياحة والآثار المصرية.

موكب مهيب لملوك مصر القدماء وفعاليات عديدة ينتظر متابعتها الكثير والكثير من المصريين ومن دول العالم، كلها دليل شاهد على العصر الذهبي للدولة المصرية، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في كافة المجالات ومختلف القطاعات، حيث وجه السيد الرئيس السيسي، سابقا، بمواصلة العمل في المشروعات المختلفة والمتعلقة بالمجال السياحي والأثري على مستوي الجمهورية وذلك بالتنسيق والتكامل بين مختلف الأجهزة المعنية، ويأتي ذلك في إطار استراتيجية الدولة المصرية لاستعادة الرونق التاريخي للمواقع الأثرية المصرية، ولإبراز ما تذخر به مصر من إرث ثقافي وحضاري عبر العصور المختلفة، وذلك من خلال أعمال الترميم الشاملة للمواقع الأثرية، خاصةً في القاهرة الكبرى ذات الإمكانات التاريخية العريقة والمتنوعة، لتكون بمثابة متحف مفتوح بطابع جمالي ومنظم على غرار العواصم العالمية الكبرى.

كما سيتم نقل المومياوات على عربات مصنعة خصيصا ضد الاهتزاز، كل عربة منهم تحمل اسم الملك الذي تحمل مومياه، بحيث تكون المومياه داخل كبسولة من النيتروجين للحفاظ عليه من أي عوامل بيئية خارجية، ومن المقرر أن يتقدم تلك العربات مجموعة من الخيول والدراجات النارية، بالإضافة إلى بعض الاستعراضات التي تليق بهيبة الموكب، حتى تصل إلى المتحف القومي للحضارة في مشهد مهيب، يليق بالحضارة المصرية، والتي تعد أقدم حضارة عرفها التاريخ.

ولعلنا شاهدنا الفيلم الترويجي لنقل المومياوات الملكية وجهود وزارة الآثار والسياحة المصرية. للترويج لهذا الحدث العالمي ومتابعة تلك الجهود من دولة رئيس مجلس الوزراء شخصيا. ولعنا لاحظنا الإطار الترويجي للصور الخاص بحدث نقل المومياوات الملكية على صفحات التواصل الاجتماعي ويتوسطه «الجعران» فما هو الجعران؟ وماهو علاقة الجعران بالمصري القديم؟ أسئلة كثيرة تدور في بعض الأذهان ولعل اجابتها تكمن في ذكريات وحكايات المصري القديم عن الجعران.

فالجعران هو حشرة سوداء ترجع إلى رتبة الخنافس لديه دورة حياة كاملة. (بدءا من مرحلة البيض ومرورا بالدودة ثم العذراء ثم الطور البالغ). وتقوم حشرة الجعران بتكوير الروث ووضع بيضها فيه ودحرجته أمامها. قبل الفقس إلى دودة، حيث ساهمت عملية تجميعه للروث في زراعة المحاصيل وتهوية التربة باستمرار. ما جعله مصدرا للخير وحامي للحيوانات من الإصابة بالفيروسات الضارة الناتجة من الروث.

كما ارتبط الجعران في ذهن المصريين القدماء بأنه يجلب الحظ السعيد والثراء، ما جعله عنصرا رئيسيا في تزيين المقابر والمعابد الفرعونية على مدار الأسرات المختلفة،  وحرص المصري القديم على تحنيط الجعران وصناعة تماثيل مختلفة وبمرور الوقت، حظي الجعران بمكانة كبيرة عند المصري القديم، ليصبح رمزا للإله أمون رع إله الشمس، وتحول الجعران إلى هدية قيمة عند الفراعنة، حيث أهدى الملك أمنحتب الثالث أحد ملوك الأسرة الـ18 تمثالا على هيئة جعران إلى زوجته الملكة «تي»، كنوع من التعبير عن استمرار حبه لها.

كما استخدمت الجعران كأختام تحمل اسم الموظف وألقابه، وأخرى حملت أسماء ملكية نقشت بالصفات التي تمثل كل ملك أو ملكة من الأسرة القديمة إلى الحقبة المتأخرة، وكتبت على الجعارين عبارات وامنيات قديمة أشهرها «من خير رع»  «راحة البال خير من الغضب».

ولا تزال تحتفظ جدران مقابر وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر صورا للجعارين، وأكثرها شهرة جعران ضخم أسود يخرج من الرمال لسحب كرته المتوهجة، كما يأتي جعران «البحيرة المقدسة» في معبد الكرنك بالأقصر أكثر الجعارين المميزة في تلك الحقبة.

كما كان المصري القديم يخطف أنظار العالم… مازال الأحفاد  يبهرون العالم  بفاعلياتهم المختلفة وباستعدادهم الرائع  فبسواعد أبناء مصر المخلصين وتحت قيادة سياسية رشيدة تعي جيدا قيمة الدولة المصرية نجد الكثير والكثير من الإنجازات التي تكتب بحروف من ذهب. فتحية واجبة لكل يد تبني.. لكل جسد يعمر، لكل عقل يفكر.. لكل عين ساهرة.. لرفعة شأن وطننا الغالي مصر.

عضو هيئة تدريس بعلوم القاهرة

Abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى