نون والقلم

د. إيمان علاء الدين تكتب: الخيار الاستراتيجي

عندما نريد السير قدما نحو مستقبل أفضل، عندما نستهدف تقديم قيمة مضافة، عندما نريد تحقيق هدف متكامل، عندما نتطلع للاستفادة من القدرات والطاقة الكامنة، عندما نوجهه بتنفيذ الاستخدام الأمثل لكافة الموارد، عندما تكون وجهتنا تعظيم الناتج من المدخلات، عندما نأخذ جميع المتغيرات الخارجية والداخلية في الاعتبار، عندما نتجهز للمستقبل بآليات وخيارات متعددة ومتكاملة فبالضرورة يكون الخيار الاستراتيجي هو كلمة السر لصناعة المستقبل، فالمستقبل يبدأ من الاَن ولا بديل عن التخطيط للتجهيز للمستقبل.

ومن هذا المنطلق فقد انتهجت الدولة المصرية نهج التخطيط الاستراتيجي في كافة المشروعات القومية وفي مختلف المجالات وبكافة القطاعات المتعددة لتصبح الخيارات الاستراتيجية أيقونة عصر الجمهورية الجديدة.

ولعلنا تابعنا كلمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال أعمال قمة جدة للأمن والتنمية حيث بدأ سيادته بتقديم التحية والتقدير للدول المشاركة في قمة جدة ووصفها بأنها لحظة استثنائية من تاريخ العالم والمنطقة العربية كون أنها تحمل دلالة سياسية واضحة بتجديد العزم على تطوير المشاركة بين الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية سواء على الصعيد الثنائي أو في الإطار الإقليمي الأوسع، وبما يمكننا معًا من الانطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون على نحو يلبي تطلعات ومصالح شعوبنا، استنادًا إلى علاقات وروابط قوية وممتدة قائمة على إعلاء مبادئ راسخة، لا ينبغي أن نحيد عنها، لتحقيق المنفعة المتبادلة، وصون أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

وأشار سيادته إلى تتابع الأزمات العالمية والإقليمية المتفاقمة وازدياد حدتها، كجائحة كورونا، وتغير المناخ، وأمن الغذاء، وأمن الطاقة وأمن المياه وتفشي النزاعات المسلحة دوليًا وإقليميًا.

وفي ضوء تنفيذ آليات التخطيط الاستراتيجي، من خلال وصف الوضع الراهن والعمل على دراسة نقاط القوة والفرص لتكون دافعا لتحسين نقاط الضعف ودفع نقاط التحديات، لتكون بمثابة تنفيذ لأسس علمية واقعية من أجل مستقبل أفضل البشرية جمعاء.

فقد ذكر فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته قائلا «إن لمصر تجارب تاريخية عديدة في المنطقة، وكانت دومًا خلالها رائدة وسباقة في الانفتاح على مختلف الشعوب والثقافات وانتهاج مسار السلام، فكان هو خيارها الاستراتيجي الذي صنعته، وفرضته، وحفظته، وحملت لواء نشر ثقافته، إيمانًا منها بقوة المنطق لا منطق القوة، وبأن العالم يتسع للجميع، وهو سلام الأقوياء القائم على الحق، والعدل، والتوازن، واحترام حقوق الآخر، وقبوله».

كما استعرض فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي خمس محاور للتحرك في القضايا ذات الأولوية خلال المرحلة القادمة  والتي كانت بمثابة خارطة طريق لمنطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا، حيث تم بنائها على أسس استراتيجية متصلة بمفاهيم واضحة وواقعية. كما تشتمل تلك المحاور على ضرورة التعامل مع أزمات الماضي الممتدة من أجل الانطلاق نحو المستقبل، بالإضافة إلى ضرورة بناء المجتمعات على أسس الديمقراطية والمواطنة والمساواة واحترام حقوق الإنسان ونبذ الأيديولوجيات الطائفية والمتطرفة وإعلاء مفهوم المصلحة الوطنية وبناء   منظومة متكاملة للأمن الاقليمي في المنطقة وأخيرا تجديد التزام الدولة المصرية بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بكافة أشكاله وصوره.

ولم يكتفى الرئيس السيسي بسرد المحاور المختلفة القضايا ذات الأولوية وإنما اتبعها بخطوات تنفيذية شاملة استهدفت تعزيز دور الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة ودعم ركائز مؤسساتها الدستورية، وتطوير ما لديها من قدرات وكوادر وإمكانات ذاتية، و إرساء دعائم الحكم الرشيد، وتحقيق الأمن، وإنفاذ القانون، ومواجهة القوى الخارجة عنه، وتوفير المناخ الداعم للحقوق والحريات الأساسية، وتمكين المرأة والشباب، وتدعيم دور المجتمع المدني كشريك في عملية التنمية وكذلك دور المؤسسات والقيادات الدينية لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يضمن التمتع بالحق في حرية الدين والمعتقد، فضلًا عن تكريس مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ودفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص العمل وصولًا إلى التنمية المستدامة، تلبيةً لتطلعات كافة الشعوب نحو مستقبل أفضل.

بالإضافة إلى رفع قدرات دول المنطقة في التصدي للأزمات العالمية الكبرى والناشئة، كقضايا نقص إمدادات الغذاء، والاضطرابات في أسواق الطاقة، والأمن المائي، وتغير المناخ، بهدف احتواء تبعات هذه الأزمات والتعافي من آثارها، وزيادة الاستثمارات في تطوير البنية التحتية في مختلف المجالات، وبما يسهم في توطين الصناعات المختلفة، ونقل التكنولوجيا والمعرفة، ووفرة السلع مع مراعاة الأبعاد المتعددة على المديين القصير والبعيد لكافة الازمات والقضايا ذات الاولوية.

يوما بعد يوم وإنجاز بعد إنجاز تثبت الدولة المصرية أنه لا بديل عن استخدام الآليات الاستراتيجية وإعلاء مصلحة الوطن لنحظى جميعا بمستقبل أفضل.. فتحيا مصر دائما وأبدا.. تحيا الجمهورية الجديدة

عضو هيئة تدريس بعلوم القاهرة

 Abdelfattahemanalaaeldin@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

 

t   F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

زر الذهاب إلى الأعلى