اخترنا لكدوشة فنية

حنان أبو الضياء تكتب: جاسوسة مهرجان الجونة.. في «SATURDAY FICTION»

السينما تقترب من عالم شنغهاي أكبر مدن الصين من حيث تعداد السكان، وعاصمة البلاد الاقتصادية؛ ولكن من خلال طرح فني لتلك المدينة بعدما وقعت تحت الاحتلال الياباني؛ ولكن تتناول الفترة ما بين 1937 وحتى عام 1941 لتقدم دورها في الحرب العالمية الثانية؛ وخاصة أننا نعلم جميعا أن في تلك المدينة  تكونت فيها قيادة شبكة الجاسوسية؛ التي عرفت باسم «وحدة الصين»، لقوتها وحزمها ودقتها في العمل خلال هذه الفترة، ومن المعروف أيضا أن الفنانين والمخرجين الذين بقوا في شنغهاي كانوا بين أن يختاروا البقاء على قوميتهم واشتراكيتهم وبين أن يبقوا مراقبين من طرف اليابانين؛ لعل من أهم الأفلام التي قدمت عن تلك الفترة فيلم «مولان ينخرط في الجيش» من إخراج «بو وانكانج» الذي يحكي عن قصة شاب صيني ينضم للجيش من أجل محاربة الغزو الأجنبي، والذي يعتبر خير مثال على استمرارية إنتاج أفلام شنغهاي في خضم الحرب .

وفى مهرجان الجونة في دورته الثالثة يعرض فيلم« SATURDAY FICTION » دراما السبت: قصة تجسس بالأبيض والأسود تدور أحداثها في شنغهاي في أربعينيات القرن العشرين من إخراج يي لو وبطولة جونج لي، أشهر ممثلة صينية.هو فيلم درامي صيني لعام 2019 ؛ وشارك في مهرجان البندقية السينمائي الدولي الـ 76.

الممثلة الصينية جونج لي لعبت دور نجمة سينمائية ومسرحية له دور في عملية التجسس على القوات اليابانية في شنغهاي قبل الهجوم على ميناء بيرل هاربر ؛حيث تعود في الأسبوع الأول من ديسمبر 1941 إلى شنغهاي المنشغلة بالحرب تحت ستار المشاركة في مسرحية حبيبها السابق على مسرح لياسيوم، لنعيش معها الصراع المخابراتي بين الحلفاء ودول المحور أثناء الحرب العالمية الثانية ؛والرائع أن المخرج يجعل المشاهد منذ البداية يتشك في دوافع الممثلة؛ وخاصة عندما نعلم بوقوع زوجها السابق في قبضة القوات اليابانية بالمدينة؛ والذي يتهمها هو نفسه بأن لها دور مع اليابانيين ؛ لتشعر مع الممثلة  بوجودها وسط شبكة من عدم الثقة.

المخرج لو يي الفيلم بالنسبة له شخصي للغاية ويحمل الكثير من سماته وذكرياته؛ فقد كان يزور والديه في المسرح في شنغهاي حيث كانا يعملان في الكواليس؛ ويشاهد الممثلين على خشبة المسرح، ومع ذلك ترك الممثلين في فيلمه يقدمون أدوارهم بحرية كبيرة، للتعبير عن أحاسيسهم عن تلك الفترة من تاريخهم.

أحداث الفيلم تنقلك إلى وقت كان مليئا بالفوضى ومحفوفا بالمخاطر؛ فالخلفية التاريخية وتوقيت الأحداث مهم جدا؛ فهو قبل أسبوع واحد من حدث جلل أهتم به العالم وهو ضرب ميناء هاربر؛ ومع ذلك نجد أن  السيناريو أهتم  بحياة كل فرد بالفيلم على حدة، وأرد التركيز على مشكلاتهم في مواجهة مثل هذه الخلفية المثيرة للقلق.

الفيلم ينقلنا إلى الفترة من 1937 إلى 1941 ، حيث كان يطلق على شنغهاي اسم «الجزيرة الانفرادية»، حيث أنها كانت من المناطق الخاضعة للسيطرة الدولية وللامتيازات الفرنسية والبريطانية. لذلك كان المكان ملئ بالجواسيس والمتعاونين والوكلاء المزدوجين، لكنه يجهد مصداقيته في أنه كان من الممكن أن يكون مثل أي شيء محفوف بالمخاطر .

المشاهد يستغرق بعض الوقت لمعرفة ما يجري على الأرض، وحكاية جان يو (جونج لي)، الممثلة الشهيرة التي عادت إلى شنغهاي في ديسمبر 1941 ، ظاهريًا لتظهر في عرض مسرحي من إخراج و تأليف تان نا (مارك تشاو)، أسباب جان الحقيقية للعودة غامضة ؛فربما تكون هناك لتأمين إطلاق سراح زوجها السابق (تشانج سونج ون) المحتجز لدى السلطات اليابانية لأسباب غامضة ؛ قد تكون لمشاعرها الفياضة تجاه حبيبها تان نا ؛ أو لتتجسس لصالح الصينيين أو الفرنسيين أو الحلفاء أو مجموعة ما؛ ويزداد الأمر حيرة عندما نعرف علاقتها بالفرنسي فريدريك هوبرت (باسكال جريجوري) ، الذي هو نفسه، حتماً، جاسوس.

ونجدها تواجه جان مدير فندقها التابع للامتياز الفرنسي الذي يبدو ودودًا ولكنه يقوم بالتنصت على هاتفها ومراقبة مكالماتها؛ وهناك باي مي (هوانج شيانج لي)، الممثلة الطموحة، مراسلة المجلة وأيضًا جاسوسة، ويستعرض الفيلم أيضا شخصية منتج مسرحية تان نا، وشخصية المتعاون الياباني؛ السيد فيورو المسؤول الياباني، الذي لديه لديه أسرار حيوية فيما يتعلق بخطط الحرب اليابانية، وهو الشخص الوحيد الذي لا يعترف بأنها فقط ممثلة شهيرة، والذي يتأثر بتشابهها الغريب مع زوجته الميتة .

من المعروف أن جونج لي ممثلة صينية بزغ نجمها العالمي لأول مرة على يد المخرج الصيني زانج ييمو، وأصبحت جونج واحدة من أنجح الممثلات في السينما الصينية؛ وحظت بشهرة امتدت خارج الصين، وتعتبر إحدى أجمل النساء في الصين، لوحظ نجاحها الفني عندما حصلت على جوائز عالمية في مهرجان فينيسا السينمائي ومهرجان نيويورك، وتعمل أيضا كمغنية هاوية، عندما شاركت في الأداء الغنائي في فيلم عصابة شانغهاي، وقد حصلت أيضا على وسام الآداب والفنون عام 1998، اشتهرت بمشاركتها العديدة لأفلام المخرج الصيني زانج ييمو؛ كما شكلا ثنائي فني ناجح؛ انتشرت بين الأوساط الفنية عن علاقة حب تجمعهما؛ في عام 1996 تزوجت جونج من رجل الأعمال السنغافوري اوي هوي سونج، توقف التعاون الفني بين جونج وزانج حتى عام 2006 عندما أختارها لبطولة فيلم لعنة الوردة الذهبية، مشاركات جونج في هوليود محدودة فبالإضافة إلى فيلم الصندوق الصيني عام 1997؛ امتدت مشاركاتها في هوليود في فيلم مذكرات فتاة الجيش الذي أنتج عام 2005؛ كما ظهرت في عام 2006 في فيلم فساد ميامي؛ وفيلم نشأة هانيبال عام 2007، في عام 2006 صنفت أدائها مجلة بريمير الفنية في فيلم: الوداع يا عشيقتي كأفضل  أداء على الإطلاق. أعجب بأدائها المخرجين ستيفن سبيلبرج؛ أوليفر ستون.

أما المخرج لو يي، فمنتمي إلى الجيل الجديد في السينما الصينية، ومن أفلامه «تدليك في العتمة»، الذي تناول عبره تجربة خاصة منقولة عن كتاب؛ وتدور أحداثها في مركز للتدليك وأبطالها مجموعة من المكفوفين. الفيلم محاولة للدخول إلى عالم العتمة، عالم الحسيّة وقوة الحواس، عالم الحب والخيبات والرغبات.هذا المخرج لفت إليه الأنظار في مهرجاني كان والبندقية. وأعتمد على ممثلين وأشخاص عاديين من المكفوفين لتصوير هذا فيلم.

ولقد بدأ إنتاج أول أفلامه بعد تخرجه من أكاديمية بكين للأفلام. ومن خلال أفلامه، يأمل لو أن يسلط الضوء على تفسيره للقضايا الاجتماعية للمهمشين في المجتمع الصيني. ولقد منع فيلمه نهر سوتشو (2000)  من العرض في الصين وتم عرضه في مهرجان روتردام السينمائي؛ ونفس الشيء حصل معه في عام 2006 في فيلم Summer Palaceالذي عرض في مهرجان كان السينمائي .. ويعتقد أن شعبية يجب أن تأتي من خلال أفلام الجودة

وتقدم أفلام لو رؤى حول القضايا الاجتماعية وأن كان تركيزه على المشاكل في الصين؛ و بعض جوائزه الرئيسية في المهرجانات السينمائية تشمل جائزة فيرنر فاسبيندر لأفضل إخراج في مهرجان مانهايم – هايدلبيرج السينمائي لعام 1996 لعطلة نهاية الأسبوع (1995) ، وجائزة تايجر في مهرجان الفيلم الدولي 1999 في روتردام لنهر سوتشو (2000) و Prix du scénario جائزة في مهرجان كان السينمائي 2009 لنهر الربيع (2009).

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى