نون والقلم

حمادة فراعنة يكتب: درس التجربة المغربية

لا يفرح خصوم التيار الإسلامي، بتراجع حزب العدالة والتنمية المغربي وسقوطه البرلماني، ولا يزعل أنصار التيار الإسلامي، فالتراجع للحزب السياسي، لا صلة له في نجاح أو اخفاق الإسلام والمسلمين، ولو كان الأمر كذلك، لكان سقوط الدولة العثمانية نهاية للإسلام والمسلمين.

النجاح والتقدم، والإخفاق والتراجع يعود لأسباب سياسية محضة، لا صلة لها بالعقيدة الساكنة في نفوس البشر، وعليه يجب الحكم على حزب التنمية والعدالة المغربي وتجربته، ولو كانت المعايير شخصية ضيقة، فقد سجل سعد الدين العثماني الشرف والشفافية والتواضع في إدارته للدولة، وها هو باستقالته تسليماً بنتائج صناديق الاقتراع وبالمعايير الديمقراطية يُسجل الاحترام لنفسه ورفاقه، من خلال الإقرار أنهم أنفسهم يتحملون نتيجة الهزيمة في الانتخابات.

لقد قدمت لنا التجربة المغربية درساً عميقاً، ورؤية وجيهة، وتجربة يجب الاستفادة منها، وهي ترابط الوطني مع القومي مع العقائدي، وتكامل الحلقات الثلاث فيما بينهم، والتحدي المفروض على الأحزاب في عالمنا العربي، كيف يمكن لها التوفيق، وتكامل الخطوات، وتنسيق المواقف بشكل لا يتعارض بين المصالح الوطنية للحزب، مع المواقف والمصالح القومية والعقائدية.

لقد أخفقت أحزاب اليسار العربي، وبقيت هامشية رغم تضحياتها الكبيرة بسبب موقفها من القضية الفلسطينية لأن مرجعيتها السوفيتية اعترفت بالمستعمرة الإسرائيلية عام 1948، وبقيت لوثة ضارة مصاحبة لها.

وها هو حزب العدالة والتنمية يدفع ثمن موقفه من قضية الصحراء الوطنية، بقبوله الاتفاق الثلاثي ومقايضة اعتراف الولايات المتحدة بالصحراء باعتبارها جزء من التراب المغربي مقابل اعتراف المغرب بالمستعمرة الإسرائيلية وتطبيع العلاقات معها.

الصراع بين المشروعين: الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، ليس صراعاً على الحدود، وعلى مساحة الضفة الفلسطينية، والجولان السورية، ومزارع شبعا اللبنانية، تكبير أو تصغير.

الصراع على الجوهر، على الوجود، هل هي فلسطين أم إسرائيل؟؟ هل هي عربية إسلامية مسيحية درزية، أم عبرية إسرائيلية يهودية؟؟.

التطاول اليومي من قبل المستعمرة وأدواتها وأجهزتها ومستوطنيها الأجانب. على المسجد الإبراهيمي، هل هو مسجد للمسلمين أم لا. حيث يتم تحويله إلى كنيس يهودي عنوة وتسلطاً؟؟ وهل المسجد الأقصى مسجداً للمسلمين، وللمسلمين فقط، حيث يتم فرض التقاسم الزماني على حرماته تدريجياً على طريق فرض التقاسم الزماني والمكاني عليه.

المسجد الأقصى ليس تراثاً تاريخياً. بل هو جزء من العقيدة الإسلامية، إنه أولى القبلتين. ثاني المسجدين، ثالث الحرمين. مسرى سيدنا محمد ومعراجه، مثلما الكنائس الفلسطينية مقدسة للمسيحيين فهي ولادة السيد المسيح وبشارته وقيامته.

كيف يمكن لمسلم في العالم أن يقبل التطاول على القدس ومقدساتها والعمل على أسرلتها وعبرنتها وتهويدها؟؟ هل يوجد مسلم في العالم يقبل التطاول على مكة المكرمة وكعبتها. وعلى المدينة المنورة ومسجدها. فكيف له أن يقبل ما تتعرض له مدينة القدس وأقصاها ومدينة الخليل وحرمة مسجدها.

هذا ما وقع فيه حزب العدالة والتنمية ودفع الثمن. وهذا ما يدفعنا لتثمين النتيجة وتوجيه الاحترام للشعب المغربي على قراره بحجب التصويت عن العدالة والتنمية. من 125 مقعداً يوم 25/11/2016، إلى 12 مقعداً فقط يوم 8/9/2021. بسبب التطبيع مع المستعمرة، ومنحها الاعتراف بشرعية ما تقارفه من جرائم. وتطاول على حقوق الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.

نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

 

–  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى