حسين حلمي يكتب: لعبة الفوضى والصراعات
الفوضى الخلّاقة هو مفهوم قديم تمت الإشارة إليه في أدبيات الماسونية القديمة وذُكر في عدة مراجع تاريخية. أعيد إحياء هذا المصطلح بشكل بارز مع تصاعد النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية، خصوصاً بعد الغزو الأمريكي للعراق.
برز بشكل علني عندما أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية حينذاك، كونداليزا رايس، عن أهمية تطبيق هذا المفهوم لإعادة هيكلة المنطقة جغرافياً وديموغرافياً على أسس عرقية ودينية، وذلك بهدف تأمين حماية إسرائيل، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة.
هذا الطرح يتبناه بشدة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ويتم الترويج له عبر توظيف الفكر الديني المتطرف بجميع أشكاله، سواء من خلال تنظيمات مثل داعش أو جبهات إسلامية أو حتى أطراف كردية.
الفكرة المحورية تتمثل في هدم الأنظمة والمؤسسات القائمة، تقسيم الدول وإعادة تشكيلها، وكل ذلك تحت غطاء خلق «فوضى خلاقة».
هذا المصطلح يعني ببساطة تدمير ما هو قائم من بنى تحتية وسكان ومؤسسات وقوات عسكرية، تمهيداً لإعادة صياغة حدود الدول بما يتماشى مع أجندات القوى الكبرى.
الأمثلة على ذلك عديدة. ما حدث في العراق من تفكيك الدولة وحل الجيش خير دليل على هذه السياسة. السودان أيضاً يشهد واقعاً مشابهاً مع محاولات تقسيمه على أسس عرقية.
لا يزال مسلسل التقسيم مستمراً في دول أخرى مثل ليبيا وسوريا، بينما يبقى المستقبل مجهولاً بشأن الدولة التالية التي ستواجه هذا المصير.
في السياق الأكبر، تسعى هذه الهيمنة الأمريكية إلى زعزعة الاستقرار الأمني في المنطقة ونشر الصراعات بهدف خلق كيانات صغيرة وضعيفة، لا تقوى على مواجهة النفوذ الأمريكي والسيطرة على مواردها. إلى جانب ذلك، تُفتح أسواق تلك الدول لصالح المنتجات الأمريكية والشركات الكبرى.
كل هذا يجري بمساهمة عملاء يروجون لهذه الأفكار تحت شعارات براقة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما الهدف الحقيقي يبقى تحقيق مصالح القوى الكبرى على حساب استقرار الشعوب.
لم نقصد أحداً