حسين حلمي يكتب: فن النفاق وأبطاله
هناك بعض الأشخاص يمتلكون مهارة مذهلة في التلاعب بكل الاتجاهات، وقد تناولهم الشاعر الكبير صلاح جاهين بإحدى رباعياته الشهيرة حين قال: «علم اللوع أضخم كتاب في الأرض، بس اللي يغلط فيه يجيبه الأرض».
هؤلاء المنافقون يتمايلون كالقردة، يؤدي كل منهم دورًا حسب طلب أولياء أمرهم، مثلما تُقال العبارات الشعبية «نوم العازب» و«عجين الفلاحة».
لكن لا ينبغي الخلط بينهم وبين الفقراء البسطاء الذين يقبلون المساعدات كـ«الكراتين» كيفما كانت أو من أي مصدر جاءت.
هؤلاء البسطاء، الذين تدفعهم الحاجة وليس الولاء، لا ينظرون في عين من يمنحهم هذه الصناديق التي تحتوي على قليل من الطعام والشراب، بل يسعون فقط لسد جوعهم والتغلب على ظروف الفقر. هم ليسوا مؤيدين لأحد ولا يعبرون عن ولاء حقيقي سوى لحاجتهم الملحة.
أما معنى اللعب على الحبال الذي أقصده هنا، فهو أولئك الذين يتنقلون بين الأحزاب كمحطة منافع. في يوم تجدهم أعضاء في حزب معين، وفي الغد ينضمون إلى آخر بحثًا عن مصلحة تحقق لهم مقعدًا في البرلمان أو مكاسب شخصية. مصالحهم هي الدافع الوحيد وراء تنقلاتهم، فلا يحكمهم ثبات في المواقف أو وفاء لأي جهة.
هم يدركون جيدًا أن أي خطأ في لعبتهم سيؤدي بهم إلى الفشل والإطاحة، ويعون مضمون الشطر الثاني من رباعية جاهين دون الحاجة للتفسير: «أما الصراحة فأمرها سهل، لكن لا تجلب مال ولا تصون عرض». هدفهم واضح: جمع المال بأي وسيلة، ولا يهمهم مبدأ كالعِرض سواء تعلق بهم أو بغيرهم.
لم نقصد أحداً