
حسين حلمي يكتب: حكمة الاستفادة من الماضي
هناك حكمة قديمة استُلهِمت من سفر الجامعة في العهد القديم تقول: «ما كان سيكون، وما تم فعله هو الذي سيُفعل، لذلك ليس هناك جديد تحت الشمس».
هذه العبارة ببساطة تعكس فكرة أن من لا يتعلم من دروس الماضي قد يُكرّر أخطاء أسلافه، ويُصنَّف حينها كـ «أرعن»، أي كمن يظن أنه يخترع شيئًا جديدًا كالعجلة، بالرغم من أن العجلة اختُرعت منذ زمن طويل.
كل الابتكارات التي ظهرت لاحقًا اعتمدت على هذا الأساس، حيث استفادت من الفهم التدريجي لنواميس الطبيعة.
على سبيل المثال، الطائرة التي تحلّق في السماء أو السفينة التي تجوب البحار ليست سوى تطبيقات لقوانين طبيعية موجودة منذ بداية الخليقة، وما توصل إليه الإنسان كان نتيجة تراكم خبرات وأفكار عبر الأجيال.
الشمس التي تشرق يوميًا بضوئها ودفئها تُتيح لنا رؤية ما حولنا، وتشير إلى تواصل البشرية عبر منظومة متكاملة من التجارب والابتكارات، حيث يظهر في كل عصر من يستطيع استثمار هذا التراكم ليكشف عن جديد.
أفلاطون عبّر عن هذا المفهوم بقوله: «إن الحقيقة لا يمكن أن يدركها إنسان واحد»، على النقيض من ذلك، هناك من يدّعون أن كل يوم يأتي بجديد يفوق ما سبقه تمامًا، متجاهلين القوانين الطبيعية والتاريخ الإنساني.
هؤلاء أشبه بمن يحاول اختراع العجلة مجددًا دون استثمار ما توصل إليه غيرهم. من يرفض التعلم من إرث الحضارات البشرية وعلومها يكون أكثر عرضة للفشل، خصوصًا عندما يعتمد العنف كوسيلة للحكم.
التاريخ يُذكّرنا بوضوح كيف فُقد الحكم مرارًا تحت أقدام الشعوب كرد فعل على استخدام القوة والغطرسة، لأن الحكم ليس غاية بحد ذاته بل وسيلة لتحسين حياة الناس.
لم نقصد أحداً !!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا